أخبار
أخر الأخبار

رحيل الكاتب والأديب والشاعر النوبي الأستاذ إبراهيم عبده

 

رحل الكاتب والأديب والشاعر النوبي الأستاذ/ إبراهيم عبده محمد حامد عن دنيانا بدولة الإمارات بعد صراع مع المرض.

كان الفقيد من قامات الأدباء والشعراء النوبيين إذ كرس حياته للثقافة والتراث النوبي فهو صاحب أعظم مرثية لتهجير النوبيين.

تعازينا لأسرته بالشارقة وللأهل بحلفا الجديدة و وادي حلفا وقرية ملك الناصر وعموم قرى أرض الحجر وللشعب النوبي في كل بقاع العالم، إنا لله وإنا إليه راجعون.

 *الراحل في سطور* 

 

..الاسم : ابراهيم عبدة محمد حامد دياب

تاريخ الميلاد: اختى التى تكبرنى مباشرة مولودة بعد فيضان 1946 وفيضان 1946 هو القياس لمواليد تلك الحقبة الزمنية من المولودين فى القرى النائية امثالنا, قد اكون من مواليد 1948 أو 1949 وبما ان الحاضرين قالو ان الطقس كان حار فالارجح ان اكون من مواليد مايو/ يونيو 1949 وربما صيف 1948 

الموطن: ولدت بقرية عراشة بالضفة الغربية للنيل بعمودية الدويشات بارض الحجر كآخر العنقود من اربعة صبيان واربعة بنات. توفيت والدتى سنة 1960 وهى فى الاربعينيات وكنت مازلت فى سنة اولى وسطى ولم يتزوج والدى مطلقا رغم انه عاش لمدة 22 سنة وحيدا من اجلنا بعد وفاة والدتى وتوفى الى رحمة مولاه سنة 1982 . مازال منزلنا هو المنزل الوحيد المتبقى الى الآن بكامل هيئته فى المنطقة مابين السد العالى وحدود عكاشة فى المنطقة المغمورة

 *المراحل الدراسية* : 

الاولية : مدرسة صرص الابتدائية- وكنا الدفعة التى اشتهرت بها مدرسة صرص بالمستوى الجيد بقيادة الناطر( اسكوير) رحمه الله. كانت هنالك مدرستين للمرحلة المتوسطة بحلفا -الاهلية والأميرية- يقبل بها 60 طالبا يمتحن فيها كل مدارس السكوت وحلفا وتم قبول 25 طالبا من صرص فى تلك الدفعة من عدد 30 ممتحن 

الوسطى : حلفا الاميرية الوسطى 1960 / 1964كنت من الطلبة النشيطين فى الجمعية الأدبية وخصوصا فى منافسات القاء القصائد وكنت سكرتير الجمعية وانا فى السنة الثالثة الثانوى : وادى سيدنا الثانوية 1964/ 1967 

الكلية : كلية الصحة والدراسات البيئية جامعة الخرطوم 67/1970 

اماكن العمل : فى البداية عملت بمشروع استئصال مرض الجدرى بضواحى الخرطوم ثم بربر فى نفس المشروع لعدة شهور نقلت بعدها الى وادى حلفا كضابط صحة لوادى حلفا والميناء.

 *الاغنية النوبية قديما وحديثا* : 

كنت ابحث ايام عملى بمشروع الجامبيا عن القديم فى الاغنية النوبية وكنت مغرما بجمع الأمثال النوبية والأقوال المأثورة ووجدت أن فى :-

منطقة المحس :الاغنية الرئيسية فى منطقة المحس كانت (الكلكية) ومعظمها فى الفخر على جلسات الدكاى وقد اجادها الفنان وردى فى صواردن شو. أما الاغنية الراقصة الوحيدة التى أتت من منطقة المحس هما اغنيتا (بردى شين) والذى اضاف عليها الفنان مكى مؤخرا واغنية (آمنن برشوتا وو آمنا) وهى كانت خليط مابين الدنقلاوية والمحسية وقد اتت الى المنطقة مع (المراوقية)(المراكبية) وهم العاملين فى المراكب الشراعية الكبيرة (بيلكى) والتى كانت تنقل المحاصيل من السكوت والمحس الى وادى حلفا حتى عبكة (الشلال الثانى) وبالعكس. لم نسمع بعد ذلك بأغنية من منطقة المحس الا مع الفنان قطبى (ابوصارى ) باغنيتية (شادية) و(الم جقجى من كرو) ولم يزد عليهما . لقد غنى محمد عوض ونصر توفيق (بدين) ومعظم اغانيهم كانت من أغانى محمد عبدالرحمن وحسين الالا اللهم الا اغنية ( اجبيرى شافا دفو)

منطقة السكوت : اغنيتهم القديمة كانت (الكلكية) ثم ظهر بالسكوت فنانين كبار امثال دهب وسيد ادريس وعلى سليم والفنان وردى من السكوت جنوب ودهب دلوشى بمنطقة كد فوقا ودال -هؤلاء اعطو الاغنية النوبية ركيزة اساسية بمؤلفات ذات معانى قوية وجميعهم كانو يرتجلون الاغنية فى لحظتها ثم جاء حسين الالا واضاف الكثير. كانت الاغنية فى منطقة السكوت محددة بترديد (ويل ايقا ايقا) وهى قريبة لحنا الى الدهيبى واستمر ذلك لفترة زمنية كبيرة دون ان يتجرأ احد من الخروج منة الى ان اخرجهم منه الفنان محمد عبدالرحمن الذى تغنى بلونية مختلفة واطرب الجميع مثال (مسكين -من ارين سافرسين يومن اوتى وسلوى و اوين كجتولق تاتا تنجن دوتودنى ) حتى ان الفناني الكبار امثال الفنان دهب وحسين الالا بدأو يتنوعون فى الالحان بعد تجربة محمد عبدالرحمن.

منطقة بطن الحجر: كمنطقة فى الوسط وفقيرة تقل فيها الاراضى الزاعية فقد منحتهم الحكومة الانجليزية محصول القمشة ينفردون بزراعته اهالى بطن الحجر(عموديتى صرص والدويشات) دون غيرهم كمحصول نقدى واهل المنطقة وهم آباؤنا كانو يتاجرون فى بيع التبغ (القمشة) بجمالهم شمالا حتى تخوم اسوان وجنوبا حتى مشارف الشايقية. وبما ان سبل مواصلاتهم كانت الجمال ففى نظر السكداوية والمحس – فهو عرب- وزاد على ذلك وجود اهالى منطقة امبكول فى اوساطهم واللذين ينطقون العربية ويرجع اصولهم الى قبيلة البديرية فى منطقة امبكول بالشايقية. لذا فقد كان المحس والسكادوية حتى المثقفين منهم يسمونهم بالعرب ( اراب تلى جان) والحقيقة غير ذلك فهؤلاء هم اصل النوبة وبحسب موقعهم المحمى فقد آوى منطقتهم النوبيين فى فترات زمنية كثيرة وما من عائلة فى النوبيين الا ويرجع اصولهم الى بطن الحجر.

لاغنية الرئيسية التى اشتهروا بها كانت اغنية ( سبن ليلى) وقد نشروها فى كل المنطقة ولم يرى احد فى تلك الفترة ( كجبارن نفيسة وصلبن عاشة روضة وسكتورن امينة وعبرين بابا ابيرة غير الجمالة.) بحكم الموقع وسفرياتهم شمالا وجنوبا فالأغانى فى ارض الحجر كانت خليطا من الشمال والجنوب من الشمال كانت هنالك (دونة) (جنى الليمونة) ومن الجنوب( الكلكية و ويل ايقا) ومن اشهر فنانيهم فروحى وديشاب وصالوبى وعبداللة تكة وشقيقى محمد عبده وحسن سالى وصالح عبدالله.

منطقة حلفا :فى الفترة ما قبل الهجرة كانت الاغنية القديمة هى (المسلى) وتلتها كثير من الاغانى مثل ( دسى براما واسمر اللونا وببقبقانا دهيبة ) وظهر فيها فنانين قديرين امثال محمد سليمان وابدع فى ملحمة ارقين وصالح ولولى دبيرة وشريف سعيد دغيم.

اول قصيدة نوبية كتبتها تغنى بها طالبات مدرسة صرص الأبتدائية بوادى حلفا سنة 1970 (ار ايقا نايقودن مقوسا فكتا دوقوسى- حتتركينى مع مين وتسافرين) ومناسبتها لحبيبة مسافرة

 *الشعر النوبى وبمن تأثرت من الشعراء* :

 الشعر النوبى قديم قدم الاغنية النوبية وكان الشاعر هو نفس المغنى واول قصيدة غير ملحنة سمعتها هى للشاعر شريف سعيد وادى حلفا سنة 1970 ويلية الشاعر الفاتح شرف الدين ومحمد مختار عبدون وصلاح دهب وديشاب ومندق وكثيرون 

لم اثأثر بشاعر معين لأننا نعتبر من الطلائع فى القصيدة النوبية النمطية ثم ان لونيتى الخاصة فى الملاحم قد تجعلنى انفرد بهذة اللونيه .

بدأت كتابة القصائد النمطية فى سنة 1982 وقد حزنت كثيرا لعدم كتابتى للأشعار الغزلية النمطية خلال فترة عنفوان الشباب ايام أوائل العشرينات من العمر حيث انشغلنا بالغناء. عنفوان الشباب وحياة الحب والغزل يضفى الكثير الى روح القصيدة ويقل ذالك تدريجيا بعد الزواج والحياة العائلية المستقرة.

بعد تجربة قصيدتى الهجرة وعبودى وجدت ان المستمع النوبى يشتهى سماع الشعر القصصى الهادف والذى يعالج بعض المشكلات الاجتماعية ووجدت نفسى اجيد هذا النوع فأسترسلت الى ان اصبح مجموع الملاحم 18 ملحمة نوبية كلها تحكى وتعالج المجتمع النوبى من خلال نظرتى الشخصية. لم يسمع الجمهور من هذة الملاحم سوى اربعة فقط بالاضافة الى عشرات القصائد الغزلية والوطنية والاجتماعية.

 *قصيدة الهجرة* :

هى لوحات رسمت فى مخيلتى لحظات هجرة المواطنين وانا طالب بالثانوية ووالدى رحمه اللة كان قد رفض الهجرة رغم هجرة اخوانى وآثر البقاء بأرض الحجر مع نسيبه احمد خيرى الاسطورة. 

وبما اننى كنت اقضى اجازاتى مع الوالد عايشت آلام ما بعد الهجرة من منظرالبيوت المهجورة والطيور الهائمة تبحث عن ونيس وكانها تسأل اين هؤلاء القوم ومنظر النخيل التى فقدت اهاليها وتسدل منها الآسعاف الناشفة والكلاب التى توحشت والقطط التى تاتى اليك من دون اختشاء كأنها تطلب المساعدة وعواء الذئاب وظهورها اثناء النهار وذالك الرجل الذى ذهب يبحث على الناس ليوارى جثمان والده, كل هذة المناظر كنت اعايشها يوميا ايام الاجازة.

فقد عايشت مأساة الهجرة يوما بيوم الى (ان بنى اوندى منزله فى البلد وتزوج بنت البلد نبرة) 

 *القصائد الآكثر تجاوبا* 

قصيدة الهجرة: يتجاوب معها بشكل يصل حد البكاء , النوبيين المصريين واهالى حلفا واللذين عانو من الهجرة اكثر من غيرهم 

قصيدة عبودى: يتجاوب معها جميع المغتربين ولو ان بعض اللذين يسكنون الجمعيات لا يرتاحون كثيرا 

قصيدة موسى: يتجاوب معها الشباب واهل النطقه الجنوبيه

 *قصيدة الغربة 2* : 

يتجاوب معها جميع المستمعين الجيدين اللذين يستمعون الى القصيدة بتأنى وهدوء وخصوصا اثناء الرحلات الطويلة لأن المجهود الذى بذلت فى هذة القصيدة مجهود كبير وفيها تقريبا معظم مشاكل المغتربين.

كل قصائدى مكتوبة باللغة النوبية على الكمبيوتر ولا استعمل غير اللغة النوبية عند التأليف وذلك لوجود صعوبة شديدة جدا عند إعادة قراءة المكتوب بالعربية وقد لاتستطيع قراءتها نهائيا ولكن عند القاء القصائد اقرؤها مكتوبة باللغة العربية لسهولتها وذلك يرجع الى ان النظر لم يألف تماما على الكتابة النوبية للقراءة بطلاقة والحقيقة فأننى فى المعظم اكون حافظا القصيدة تماما والمكتوب عبارة عن موجه فقط.

من ضمن الخطة المستقبلية فى الكتابة فإن الشرائط القادمة سوف تكون ملحقا بها نفس القصيدة مكتوبة باللغة النوبية وذلك للقراءة والاستماع معا.

كثيرون جدا من المستمعين يتحدثون عن تحويل القصائد الى افلام سينمائية مثل الهجرة واد مرور وعبودى ولكن العمل الروائى والسيناريو يحتاج الى متخصصين ، هذا العمل يحتاج الى روح الجماعة من روائيين ومتخصصين فى السناريو ومخرجين نوبيين لتحويل القصائد الى اشكال اخرى من العمل الفنى

.سـوف تظل إسمـاءهم كرحيــق الــــورد … 

تعطر وتغذى وتبعث الـــروح والامـــل .. 

وسوف تظل ذكرآ تسمو فى حياتنا النوبية تلهمنا المجد وتحكى عن صفحات من التاريخ والنضال النوبـــى . 

تحكى عن وطن الجـــدود وعن ترأثنا الاصيـــل….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى