ليس خافيا على أحد أهمية الإعلام العسكري في الحرب ، فهو مهم جدا لتوصيل رسالة غايتها هي توعية الفرد، جندياً كان أم مدنياً، وتثقيفه عسكرياً، وتقوية ثقته في قواته المسلحة، وتعميق شعوره بالانتماء والإحساس بالمسؤولية. ومع تطور وسائل وأدوات الصراع المسلح، حيث لم يعد مسرح العمليات مقصوراً على رقعة محددة من الأرض، بل أصبح يشمل كل أجزاء الدولة، ومن هنا كان على الإعلام العسكري عند اندلاع الحرب أن ينقل بالصوت والصورة كل ما يدور، سواء في ساحة القتال، أو على الساحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومن ثم أصبح أداة هامة من أدوات الحرب، كما زاد حجم المهام الملقاة عليه أصبح مسؤولاً عن نقل كل ما يدور من أحداث داخل مناطق الصراع، سواء على الجبهة أو في عمق الدولة.
يلعب الإعلام العسكري دوراً أساسياً في مراحل المواجهة العسكرية المختلفة، لحماية الجبهة الداخلية من محاولات الاختراق المعادية، سواء عن طريق الشائعات أو التأثيرات السلبية في الروح المعنوية لدى أفراد القوات المسلحة والشعب، واستثمار نتائج الحرب بما يحقق أهداف الدولة .
وقد استخدم الإعلام العسكري خلال الحروب المعاصرة وسائل وأساليب اختلفت طبقاً لظروف تصاعد تلك الحروب، في ضوء سياسة كل دولة وأفكارها الأيديولوجية، بل وعقيدتها العسكرية أيضاً.
ومن ثم فإن الإعلام العسكري في وقت الحرب يُعتبر أداة ضرورية، ليس من أجل العمل المعنوي فقط، ولكن من أجل المساعدة في اتخاذ القرار ..
هذه المقدمة لإهمية الاعلام العسكري طرحتها لأن هذا أكثر ما احتاجه المواطن الداعم لقواته المسلحة في هذه الحرب .. وخاصة مع استمرار هذه الحرب وضبابية نهايتها ..
منذ بداية حرب ١٥ ابريل وقف الشعب السوداني مع قواته المسلحة.. ورغم كل ما عاناه من فظائع الجنجويد والانتهاكات والتشريد وفقدان الأرواح والأموال الا أنه ظل صابرا ومتماسكا وداعما لقواته المسلحة رغم الخيبات والاحباطات التي اصابته جراء سقوط المدن .. وفشل الجيش في حمايتهم ، إلا أنه رغم ذلك لم يفقد الأمل في جيشه .. لأنه يعلم أنه الخلاص الوحيد .. وأن لا خيار لديه من سطوة برابرة الجنجويد غير دعم جيشه ..
• رغم الكثير الذي لا نفهمه في هذه الحرب والكثير من الاسئلة التي لا نجد لها اجابات الا أن أكثر ما يدهشني هو ضعف الآلة الاعلامية للدولة والجيش ، واختيار الصمت في وقت الكلام ، وترك المواطن نهبة لظنون الشائعات وأخبار الميديا الكاذبة .. مقابل آلة الجنجويد الاعلامية المضلله ، المدروسة ، والمخطط لها مسبقا والتي تعمل وفق المستجدات والمخططات ، وتدل على استعانتهم بخبرات احترافية تعطي دليلا واضحا على المخطط الكبير الذي يحاك بالسودان ..
مع أهمية دور الاعلام العسكري في هذه الحرب ، كان ينبغي أن يُعطى الأهمية التي يستحقها ، ولكن أدهشني ضعف هذه الآلة وصمت البرهان عن مخاطبة شعبه بصورة دورية توضح لهم الحقائق .. وتشجعهم على الصمود .
.. وخاصة بعد فواجع سقوط المدن التي أصبحت أكبر من أن يحتملها قلب المواطن المفجوع اصلا ، والذي ظل يلوك الصبر ويحتمل المرارات وهو ينتظر بشارة النصر .. فكيف وهو يسمع بسقوط مدينة سنجة ؟
البرهان منذ وقت مبكر كان يفترض أن يخاطب شعبه .. خطاب بعد خطاب ، وأن لا يتوقف عن مخاطبة شعبه خاصة في الأوقات التي يحتاج فيها الشعب لذلك ..
اللقاء الصريح الواضح الذي حصل مؤخرا بين البرهان ومجموعة من الصحفيين وتصريحات البرهان التي خرجت من هذا اللقاء .. هذه التصريحات وهذه الشفافية كان من الممكن أن يخاطب البرهان بها شعبه من بداية هذه الحرب، ويقطع دابر بها الشائعات والشكوك .. ويثبت بها القلوب الخائفة .
ولكن أن تأتي متأخرا أفضل من أن لا تأت .. نتمنى أن يواصل البرهان حديث الشفافية مع شعبه .. ويوضح لهم ما خفي عنهم ، ولا يتركهم لشائعات وسائل التواصل وتضليل الجنجويد .. ويظل حريصا على تطمينهم أن النصر آت ولو بعد حين ..