كنا نظن أننا بعد هذه المدة من الحرب التي زادت عن العام أننا قد تعودنا على أوضاعنا الجديدة ، وقلّ تعلقنا بحياتنا التي عرفناها من قبل في مدننا وبيوتنا وقُرانا واحياءنا ، وكل مواطن قلوبنا وألفتنا وأنسنا .. ولكنا اكتشفنا أن ما يقويّنا هو أملنا أننا سنعود يوما إلى ما غادرناه مكرهين ..
بعد نشوب الحرب والصدمة التي رافقت ذلك ومرارات الفقد والهجرة والشتات وفقدان الأموال والممتلكات ، حرص الأغلبية على سلامة الأرواح وحماية أسرهم من الانتهاكات ولم يلتفت الكثير منا الى ما فقد من شقى العمر وتعب السنين ..
الآن بعد كل هذا الرهق والترحال والبحث عن الملاذات الآمنة ، وبعد انتباهة الفواق من الصدمة، أصبحت مجرد صور الذكريات العابرة تسبب ألما كبيرا ..
وأكبر الألم وأصعبه أن لا أحد يعرف متى يحل أوان العودة لبيوت ألفناها ، ولمدن وقرى أحببناها ، ولا حتى متى يلتم شملنا بالأهل والأحباب ..
اصبحت أكبر هواجسنا هو توفير لقمة العيش والبحث عن الأمان .. لا الهجير أصبح يخيف ، ولا الخريف الذي يفاجأنا كل عام ،، أكبر مخاوفنا أصبحت أن نتفاجأ بليل أن المكان الذي يؤينا لم يعد آمنا وأن علينا أن نركب مصاعب الترحال مرة أخرى بقليل من المتاع والزاد ميممّين بلاد الله الواسعة، لا نعرف أين تستقر بنا عصا الترحال ..
حرب لم ترق فيها القلوب لوهن شيخ كبير مريض ، ولا لأمرأة عجوز ، ولا لحامل لا تقوى على السير ، ولا لطفل أرهقه الخوف ..
حرب احتلوا فيها المدن والقرى وجعلوا اعزة اهلها أذلة بغير ذنب فعلوه .. اغتصبوا ، سرقوا ، نهبوا ، أفسدوا ، وقضوا على الزرع والضرع .. دون وازع من دين أو ضمير ..
كلما طال أمد هذه الحرب ، كلما زادت الخسائر واتسعت رقعة التشريد ومعها آلام المواطن ..
المواطن الذي هو المتضرر الأعظم من هذه الحرب ، واتضح أنه هو المقصود بهذه الحرب ، وما غير ذلك هو خطل وهراء وأكاذيب ..
ومع غياب سياسة الرشد .. والعته السياسي تستمر معاناة المواطن .. دون تقدير لاستمرار رهقه وضبابية مستقبله ..
الحل لن يكون دون استصحاب لرشد تغيب معه المصالح الحزبية الضيقه وتعلو مكانها مصلحة الوطن والمواطن ..
الحل محتاج ارادة وطنية قوية وحاسمة ترى بالبصيرة ما لا تراه عين السياسة العمياء عن رؤية الواضح الذي لا جدال فيه ..
كفاية لقد سئمنا ..