كتاب واراء

همس الخواطر .. د. فاطمة عبدالله تكتب : أحلام العودة بين الشوق والمخاوف

همس الخواطر: د.فاطمة عبدالله

ذكرت  المنظمة الدولية للهجرة إن أكثر من 10 مليون سوداني، نزحوا منذ بداية حرب 15 ابريل بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع .
وذكرت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير  أن أكثر من 2.2 مليون شخص فروا إلى دول أخرى منذ أن تفجرت الحرب ، بينما نزح نحو 7.8 مليون داخليا. وكان هناك بالفعل 2.8 مليون نازح آخرين بسبب صراعات سابقة في السودان ، وهو نزوح لم يشهد العالم مثله منذ الحرب العالمية الثانية .
ومع استمرار تفاقم الأزمة الإنسانية لهؤلاء النازحين والخسائر المروعة التي خلفتها هذه الحرب وزاد الأمر سوءا اتساع رقعة الحرب وازدياد عدد النازحين مع تفاقم  مشاكل النزوح الاقتصادية والنفسية  ، ودخول فصل الخريف ..
الآثار والمعاناة التي رافقت عملية النزوح هذه سنتحدث عنها في وقت لاحق ، فهي رحلة مليئة بالآلام والهوائل والخوف وكأنها رحلة إلى المجهول.
الآن وبعد أكثر من عام من الحرب ، شهدت الأونة الأخيرة رجوع بعض المواطنين للمناطق المحررة في ام درمان والخرطوم  أو لبعض القرى والمدن  في مناطق سيطرة الدعم السريع التي شهدت نوعا من الاستقرار الأمني ، بعد أن انعدم تواجدهم أو قل في هذه المناطق .. بسبب الاستنفار لسنجة وسنار ، أو لمخططات الدعم لبسط سيطرته في مدن أخرى .. أو لأن هذه المناطق لم يعد فيها ما يغري الدعم السريع بالتواجد بعد أن سلب الممتلكات والسيارات وما صاحب ذلك من قهر وعنف وقتل ..
الرجوع كان خيار مصحوب بالأشواق والتوكل .. فالظروف التي عايشها هؤلاء في مناطق النزوح أصعب من أن تُحكى أو يتم تحملها لوقت طويل مع غلاء الايجارات وصعوبة المعيشة مع فقدان الدخل والوظائف والممتلكات .
الخروج من البيوت ، خروج من محل الراحة ، والخروج من القرى والمدن خروج من الالفة وموطن القلوب والأهل والرفاق  .. ولكنه الاضطرار الذي اجبرهم على النزوح ..
هذه العودة هي افضل حل للكثيرين ، حتى وإن لم يصاحبها اطمئنان تام يؤمن معه جانب الدعم السريع وغدره ، ولكنها عودة المطمئن بالله واستقرار الاوضاع وصمود الذين لم يخرجوا بتاتا ..
وشكا العائدون من سوء أوضاعهم في الأماكن التي كانوا قد نزحوا إليها ونفاد مدخراتهم، وانعدام مصادر الدخل وشح المساعدات الانسانية، إلى جانب غلاء إيجارات المنازل وخوفهم من وصول المعارك  إلى الولايات التي نزحوا اليها .. وما بلغهم من  الاستقرار الأمني في مناطقهم التي غادروها ..
أيضا من أكثر الاسباب التي دفعت الكثيرين للعودة هو عدم وجود بادرة تدل على قرب نهاية الحرب ، أو حتى الوصول لاتفاق يفضي لايقافها ، مع عدم قدرتهم على الصمود أكثر من ذلك في مناطق نزوحهم للاسباب التي ذكرناها آنفا ..
النزوح يظل اسوأ كوارث الحروب ، فلا النفوس تعتاد على ديار جديدة لم تألفها ، ولا تنسى ديارا ترعرعت وعاشت فيها ، فيظل القلب معلقا بأحلام العودة مهما طالت سنوات النزوح والحروب .. فتكون العودة خيارا أقرب للنفس تسبقها أشواق غالبت الخوف واطمأنت بالله.. وبالأهل والمكان والغد الذي لا يملكه غير الله .. فسكنت وتأملت خيرا ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى