همس الخواطر .. د.فاطمة عبدالله: هل تعي القوى المدنية الدرس؟
همس الخواطر : د.فاطمة عبدالله
دفع السودان ومواطنه ثمنا غاليا منذ اندلاع حرب 15ابريل .. معاناة ، تشريد ، قتل ، اغتصاب ، فقدان الممتلكات ، وانهيار وتدمير البنية التحتية ، وستظل هذه المعاناة مستمرة حتى نهاية هذه الحرب اللعينة ..
ما حدث لا يمكن أن يحدث اسوأ منه ، ورغم ذلك يبدو أن السياسة والساسة عندنا ما زالوا يولغون في نفس المواعين القديمة .
هذه الحرب كان من المفترض أن توحد مواقف القوى المدنية على أهمية بقاء الدولة ومؤوساتها ، وطرح خلافاتها جانبا حتى نهاية الحرب ، فدعم المؤوسسة العسكرية في هذه الحرب هو أقرب الصواب ، فنهاية الجيش لا معنى له سوى نهاية الدولة .. وسيعم الخراب كل شيء ..
ورغم فرحتنا بانتصارات الجيش الأخيرة والذي نتمنى أن يكون نهاية الحرب والقضاء التام على التمرد ، رغم ذلك نفكر بما يلي ذلك ، وكيف سيكون المستقبل ومواقف القوى المدنية لم تتحول ولم تتبدل ..
الحروب تعطي دروس تقود للتغيير المطلوب الذي تحتاجه البلد ، وتجربة رواندا خير دليل على ذلك ، فينبغي طرح الخلافات جانبا والتفكير بطريقة مختلفة حتى يخرج السودان من عنق الزجاجة الذي ظل عالقا فيها منذ الاستقلال ..
الحل في الالتفاف الداخلي والتعلم من الدروس ومراجعة اسباب الاخفاقات ، والتركيز على ما يريده المواطن ..
على القوى المدنية ان تدرك فداحة خسارتها واتخاذها موقف الحياد الكاذب ودعمها ضمنا أو علنا للتمرد وعدم اصطفافها حول أهم مؤوسسات الوطن وبقاءه ..
على القوى المدنية أن تصحح مواقفها اذا أرادت أن يكون لها دور سياسي في مستقبل السودان ، فهي فقدت المواطن ، الناخب ، وانفض سامر الثورة الى غير رجعة .. وثبت أن الثورة ليس هي الطريق الى الاصلاح . .
الاصلاح بيدأ من اصلاح أحزابنا واحترام مؤوسسات الدولة والعمل على اصلاحها وليس القضاء عليها ..
على القوى المدنية أن تعمل على كسب المواطن من جديد .. فهي ما زالت تردد وتكرر أنها مع الشعب ، ولكنها لا تفعل ما يريده الشعب ، وفي هذه الحرب أغلب الشعب مع جيشه . . فكيف ترضي الشعب بغير ما يريد ؟
على القوى المدنية أن تركز على ما يريده المواطن ، وليس على الاستعلاء الذي تتوهمه بأنها أفهم بحاجته وحاجة الوطن .. فحاجة الوطن هي حاجة المواطن .. والمواطن هو من ينبغي التركيز على مصلحته وحاجاته ..
من المقلق أن تنتهي هذه الحرب والقوى المدنية بأحزابها الكبيرة يغردون خارج سرب مواضع آلام الوطن ورغبات واحتياجات مواطنه ..
من المقلق الشعور أن هذه الحرب لم تغيرنا للأفضل . . وأننا سنعود لنفس الاحتقان السياسي قبل الحرب ..
التغيير ينبغي أن يعم كل الاسباب التي تسببت بهذه الحرب .. اذا كان في الجيش أو القوى المدنية والأحزاب ..
اذا لم يحدث ذلك سنظل نولغ في هذا العفن الى يوم الدين ..