مشاعر تكونه تكتب ✍️ « الهم السريع»
منذ أن تفتحت أعيننا على الدنيا في هذا السودان المترامي الأطراف، وقد حركتنا ظروف الحياة لنتجول في أغلب ولاياته شرقها وغربها، جنوبها وشمالها، لم نجد من الصفات إلا تشابهها في غالبها: كرم ونخوة وشجاعة وعزة وهيبة وحضور وأدب وأخلاق وعزيمة لا تفتر ولا تلين. والصفة الأكبر هي الحياء، الذي تكاد تجده في أغلب سحنات ومكونات وعرقيات هذا الشعب المفضال.
في غربه تجد الأدب والأخلاق زينة المجالس وعرف الرجال وشمائلهم، وفي شرقه تسبقك الفراسة والشجاعة والاحتواء في كل حركاتك وسكناتك. أما في وسطه فتجد الترابط والاعتزاز بالنفس الآبية حاضرًا بين مكوناته المختلفة، متدثرين بصفات وأخلاق العروبة الحرة متمسكين بالتعاضد والتكافل. أما في شماله، فما أن تخطو ببصرك إلا وتجد ذاك الإنسان البسيط المتدثر بالطيبة والتحنان والترابط الأسري الذي يشمل كل صغير وكبير.
ورغم كل تلك الصفات النبيلة في إنسان السودان ككل، هناك ميزة مشتركة بين كل تلك الطوائف، تلاحظ أنهم يتنافسون فيها جميعهم، فهي بالنسبة لهم مصدر الإلهام والإحساس الذي ينبض من عادات توارثوها جيلًا بعد جيل، وهي صفة الحياء والأدب.
وقد حكى مؤرخون كثر، حتى عندما وثقوا لعهد كان فيه بلطجية وقطاع طرق، كثرت القصص عن أن هؤلاء المجرمين وقطاع الطرق كان عندهم حياء وأدب، حيث لم ترد في أي من قصص هؤلاء اعتراضهم لامرأة. بل بالعكس، كان أحدهم إذا استوقف مقطوعين طريق ووجد بينهم امرأة، أخلى لهم الطريق، مما يدل على أن حتى هؤلاء لهم عرف وأخلاق وأدب.
ما ساقني لهذه المقارنة هو نوعية هؤلاء المرتزقة وأخلاقهم المنحطة في التعامل مع النساء والأطفال في كل مكان استباحوه. هل هؤلاء القوم ينتمون إلى الدين الإسلامي في شيء؟ أم هل ينتمون إلى العرف السوداني في شيء؟ هل لهم قلوب تنبض في صدورهم أم أنها متوقفة؟
شخصيًا، أشك حد اليقين أن هؤلاء القوم من سلالة يأجوج ومأجوج، وأن ذو القرنين إذا أتى ليفرغ عليهم قطرا، سوف ينسلون من النقب ويدمرونه كما عاثوا فسادًا وجورًا وظلمًا في كل شبر طاهر من أرض السودان الطاهرة.
ولكن بإذن الله وتلك الأكف التي ترفع إلى المولى عز وجل ليلًا ونهارًا وتتضرع له بالدعاء على هؤلاء الكفرة الفجرة أن يجعل بيننا وبينهم سدًا.
والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.