
(إن شاء الله يوم شكرك مايجى) عبارة تجرى كثيرا على ألسن الناس عندما يصنع لهم أحدا معروفا يشعرون فيه بالإمتنان والتقدير والإحترام له ، فيسارعون بإخراج كلمات الشكر والإعجاب والدعاء له بالتوفيق فى حياته ، وأهل الخير فى بلادنا السودان كثر كل واحد منهم يقدم معروفه وعمله الصالح فى مجاله الذى يحب ، فمنهم من يسخر ماله ومنهم من يسخر علمه ومنهم من يسخر أفكاره وعلاقاته ومنهم من يسخر عمله ومنهم من يسخر نفسه ويبذلها رخيصة ليحمى بها دينه وعرضه ووطنه ، فتجدهم رهن الإشارة لتقديم العون والمساعدة التى تنفع الناس إن كانوا من أقرباء أو أغرباء ، فهمهم إسعاد الناس وبذل المعروف لهم حتى فى أحلك اللحظات وخاصة عندما تنعدم الرؤية ويخشى الناس الضعف والوهن ويظنون أنهم لامحالة هلكى ، فيسخر الله تعالى لهم من أهل الخير والمعروف من يخرجهم من لحظات الخوف والإحباط والإكتئباب فيجدد في أرواحهم الأمل والتفاؤل ويدخل عليهم السرور والفرح بأن غدا سيكون أفضل من سابقه ، فينطلقوا الى سعيهم شاكرين حامدين لله تعالى أن سخر لهم من عباده من يقيل عثراتهم ويبعث فيهم الطاقات والرغبة فى السعى الجاد فى الحياة لتغير واقعهم الى الأفضل.
وحكاية من حلتنا لايساروها أدنى شك بأن حياتنا تمضى مابين الأفراح والأحزان واليسر والشدة ، وهكذا علمتنا الحياة والقرآن يرشدنا الى ذلك يقول الله تعالى : (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) لذا نكون أكثر إطمئنانا (وما من شدة إلا ويعقبها رخاء) فكلما تضيق بنا وتشتد نكون أن تأهبا لليسر والرخاء فغروب الشمس يعقبه شروقها مضيئة للكون بإذن الله تعالى ، وتجدنى أثيرا لأجمل الحكايات المفرحة التى جاءت بعد مكابدة وعناء ومجتمعنا بالتأكيد زاخر بملايين النماذج الحية التى يعيش أصحابها بيننا ، وحرب الخامس عشر من أبريل من العام ٢٠٢٣م رغم مرارتها وتأثيرها الكبير على أغلب أهل السودان ، حتى المناطق التى لم تطالها نيران الحرب فقد طالتها نيران النزوح والغلاء والخوف من القادم المجهول ، إلا أن كل ذلك قل وتضائل بقدرته الله تعالى عندما تمسك الناس بحبل الله المتين ، برجوعهم الى الله وإكثارهم من الدعاء والذكر فى أغلب أوقاتهم ، وهذه محمدة يقول الله تعالى: (أذكرونى أذكركم) (وألا بذكر الله تطمئن القلوب) ، ورغما من شدة الحرب وبطش التمرد بالمواطنين فى الخرطوم والجزيرة والنيل الأبيض والأزرق وكردفان ودارفور ، إلا أن صمود الناس فاق حد التصور وثقتهم فى الله وحسن ظنهم به لم تتزعزع ولم يدخل اليأس الى قلوبهم ، فتجدهم فى حالة ثبات وإطمئنان دائم بأن الفرج قريب وتسمع منهم ما يطمأنك يقولون لك (كلما تضيق تفرج) فترتاح نفسك وتسكن هواجسك وتنظر الى الغد بإطمئنان كبير.
وأهل الخير فى بلادى لم تزدهم حرب الخامس عشر من أبريل إلا قوة وتدافعا لفعل الخير والعمل الصالح فكانت (التكايا المفتوحة) فى أماكن الاحتياج الفعلى هى السمة البارزة فى التكافل والتعاون وتقديم الغذاء والدواء والكساء لمن يحتاجه خاصة من عرفوا بالحياء وعدم السؤال حتى وهم فى أمس الحاجة للمساعدة والعون ، فهم متعففون كما جاء ذكرهم فى القرآن الكريم(تحسبهم أغنياء من التعفف لايسألون الناس إلحافا) ، فقد بذل أصحاب الدثور من أموالهم الكثير ولايزالون ينفقون لا يخشون من الفقر ، فقد أصبح العطاء والإنفاق عنوانهم البارز الذى يعرفه بهم الناس ، فكانت مبادراتهم تشرح الصدور وتبعث فى النفوس الأمل بأن المجتمع لايزال به الخير ، وأغلب أهل الخير يفعلون ولا يتحدثون فأعمالهم هى التى تجعل الناس يسألون عنهم ليقدموا لهم شكرهم وتقديرهم ، فأهل بلادى دائما تجدهم مهتمين بمعرفة من أسدى لهم معروفا ليقولوا له شكرا جزيلا فهانحن نقول لأهل الخير شكرا لكم على ما قمت به من أعمال صالحة نسأل الله تعالى أن تكون فى ميزان حسناتكم ، فشكرا لأهل الخير فى بلادى ومن خارجها أينما وجدوا .