
وأصحاب الإحتياجات الخاصة فى مجتمعنا السودانى يمثلون شريحة كبيرة وهم بعض الرجال النساء كبارا وصغارا ، ومعروفين فى وسطنا بالمعاقين وهم الأعمى والأطرش والأبكم والكسيح ، فالأعمى هو من لايبصر ، والأطرش من لايسمع ، والأبكم من لايتكلم، والكسيح من لايستطيع المشى ،وهناك معاقين بسبب الكوارث الطبيعية والحروب حيث يصابوا بإعاقة جسدية تمنعهم من ممارسة حياتهم الطبيعية ، وهم بعد تلك الإعاقة التى أصابتهم لكن أغلبهم لم يستسلموا لها بل واجهوا صعوبة الحياة ودخلوا مع المجتمع فى مختلف المهن والحرف ، حيث أجاد بعضهم أعمالهم بصورة تدعوا الى الإعجاب والدهشة ، وقدموا نموذج للمجتمع فى الإعتماد على النفس وعدم الركون الى الآخرين ، وهم بذلك يحفزون غيرهم بأن الحياة مهما صعبت فالإنسان قدرات وإمكانيات تطوعها لصالحه ، فكل منا ينظر حوله سيجد أمثال هؤلاء موجودين بيننا يمنحونا قدرا من الأمل والتفاؤل بأن حياتنا وإن كانت صعبة فيمكن لنا أن يغير واقعها الى أفضل كما يقول المثل الصينى (بدل أن تلعن الظلام أوقد شمعة) فهى تحتاج منا الى العزيمة والثقة فى النفس والتوكل على الله تعالى .
وحكاية من حلتنا عاشرت بعضا من هؤلاء الناس الذين يمرون علينا كالطيف الذى لايلبث أن يختفى منك فتبحث عنه ولاتجده ، كأنه يقول لك إلتقيت بك سريعا لكنك لم تعرنى إهتماما فهائنذا أبتعد عنك ولن أعود إليك مرة ثانية ، ويقول محدثى أن معاقا يعيش بينهم فى مكان العمل فاقدا لبصره ، يعنى أعمى لايبصر الأشياء لكنه يعرف الأشخاص الذين يمرون به من أصواتهم ، بمعنى عندما تمر به مرة أخرى وتسلم عليه فيرد عليك السلام بإسمك الذى عرفك به ، بل يمكن يناديك لو سمع صوتك من بعيد ، وهكذا رغم فقدانه للبصر فقد أعطاه الله سبحانه وتعالى نعمه من نعمه التى لاتحصى ولاتعد ، وأصحاب الإحتياجات الخاصة قد يكونوا من أهلنا أو جيراننا أو معارفنا، ونعلم أن حرب الخامس عشر من أبريل من العام قبل الماضى قد فرقت بين الناس وباعدت المسافات بينهم فى ظل إنقطاع شبكات الإتصال لفترات طويلة التى تأثرت هى الأخرى بالحرب ، فواجبنا أن نتفقدوهم ونبحث عليهم ونقدم لهم يد العون والمساعدة التى يحتاجونها خاصة بعد توقف الأعمال والأسواق وحركة النقل فأغلبهم كانوا يعملون فى مهن يوميه تساعدهم فى معاشهم ، لكنها توقفت ولم يعودوا يعملون فالبتأكيد يحتاجوننا لنسد لهم جزءا من إحتياجاتهم وهى شيمة متأصلة فى مجتمعنا السودانى .
نعود لنقول أن من أصيب بإى نوع من الإعاقة فى كثيرا من الأحيان تجده معتدا بنفسه ، لايطلب من أحد أن يساعده بل يبطش فى الحياة مثله مثل الآخرين ، إلا أن المجتمع عليه واجب وضرورة تمليها عليه أخوة الإسلام ، فالمسلمون أخوة كما جاء فى الحديث النبوى الشريف(مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسدالواحدإذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) ، فلنتخيل أن أحد معارفنا معاقا أى كان نوعها وتوقف عن العمل وهو حبيس بيته لايستطيع أن يغادره لعدم وجود العمل أو لعدم قدرته على مغادرة مكان سكنه الى مكان آخر ، ويحتاج للأكل والشرب يعنى أبسط مقومات لايستطيع توفيرها ، فكيف يكون حاله ؟ ألا يحتاج منا أن نتفقده ونعرف أحواله ونقدم له ما نستطيع تقديمه من المساعدة ولو كانت قليلة فهو يحتاجها ، رجلا كان أو إمرأة لأن هذه الشريحة تأثرت بالحرب خاصة المناطق التى سيطرة عليها المليشيا ، التى دائما ماتتهم بعضا منهم بأن إستخبارات يتبعون للجيش ، فتجدها تصوب سلاحها تجاههم أو تعتقلهم فى معتقلاتها ، ويكون مصير أحدهم الموت فى كلا الحالتين وقليلا من ينجو من بطشها .