
نداءات ومناشدات عديدة اطلقتها بعض الجهات للعودة للخرطوم لتعمير ما خربته الحرب و العمل من أجل نهضة البلد نرحب بالدعوة لكن نتمني هذه المرة ان يحصل التعمير لمناطق الإنتاج أولا ليكون الناس في المواقع الانتاج كي تتحول الأنشطة الإنتاجية من صناعات تحويلية و غيرها الى مناطق الإنتاج في الولايات ومنها للأسواق على الأقل نستفيد من فكرة توزيع التنمية و خلق فرص العمل باقامة الصناعات التحويلية في مواقع الإنتاج تقليلا لكلف ترحيل المواد الخام لأن معظم المواد الخام عند تحويلها الى منتجات صناعية يكون جزء مقدر منها فاقد في شكل مواد جانبية نافعة او غير نافعة (نفايات) مثلا دقيق القمح لكي يصلح لصناعة الخبز احيانا اكثر من ٢٠% منه بعد الطحن يكون في شكل ردة او نخالة تستخدم غالبا كأعلاف حيث ترحل الى الولايات حيث تربية الأنعام لتخلط مع الأعلاف و كذا صناعة الزيوت قد تصل نسبة الأمباز فيها 50% او اكثر عليه كذلك لا يوجد داعي لترحيل الحبوب الزيتية من الولايات المنتجة لها الى الخرطوم لتصنيع الزيت و الأمباز و ارجاعها مرة أخري الى مناطق انتاجها لاستهلاكها هناك بتكاليف اضافية ذهابا و ايابا و هكذا الحال مع العديد من الصناعات الزراعية و الحيوانية ناهيك عن الصناعات الإستخراجية.
من هذا المنطلق لا داعي للانسياق وراء العواطف و الدعوة للتكدس من جديد في الخرطوم و هي من قبل الحرب كانت مأزومة بيئيا و صحيا و خدميا و عمرانيا و تشكو طرقها ووسائل نقلها من سوء الحال و تشكو من تفشي العطالة و الجريمة و محاطة باحزمة من العشوائيات الفقيرة و الهشة و التي قد تتسبب في المشاكل من جديد ان عادت بصورتها و سيرتها السابقة.
لذلك لا اعتقد انه من الضروري عودة اي شخص او اسرة ليس لرب الاسرة التي يعولها عمل انتاجي او خدمي ضروري في الخرطوم لإستمرار عجلة الحياة.
عليه اعتقد انه على جميع من هم يتواجدون الان بالسودان في الولايات الامنة و استطاعوا في هذه الفترة التأقلم و الاندماج مع منظومة الحياة في الولايات اعتقد من الافضل لهم ان يستمروا في ولايتهم الام التي عادوا اليها مجبرين بسبب الحرب و ان يبدأوا في تعميرها و ذلك بتبني مبادرات فردية او جماعية في مجالات الانتاج و الخدمات التي يتقنوها او تعلموها خلال السنتين الماضيتين عوضا عن الذهاب للخرطوم ثانية و الإنضمام لجحافل العطالة و السمسرة و شراب الشاي والجبنة في ضل الضحي في شوارع و أزقة الخرطوم.
على الدولة تبني سياسسات تؤدي الى نقل فرص العمل و الخدمات الضرورية الى الولايات المنتجة و تشجيع الناس على الصمود و الإندماج في المجتمعات الولائية و اذا حصل ذلك فانه من مصلحة الدولة و الحكام في المقام الأول و يمكنهم الحصول على عاصمة رشيقة بها فقط دواوين الحكومة و بعض مراكز الفكر و المتاحف و الجامعات الراقية و مراكز البحث العلمي الرفيعة و المزودة بشبكات الطرق السريعة و من يحظى بخدمتهم.
هذا الأمر سوف يؤدي الى هجرة عكسية للولايات و ينتج عن ذلك جعل الأرياف و الولايات مناطق منتجة و جاذبة تعج بفرص العمل في مجالات الزراعة بشقيها النباتي و الحيواني و الصناعات التحويلية و التعدين مع الأخذ في الإعتبار تزويدها بخدمات طرق و نقل و اتصالات و كهرباء و مياه نظيفة و خدمات تعليمية و صحية متطورة..
كانت المشكلة الأساسية في السابق التي تعوق قيام سبل انتاج في الولايات و خاصة البعيدة عن المركز في مجال الصناعة هي الطاقة لأن الماكينات و خطوط الأنتاج في المصانع تحتاج لطاقة لتحريكها لأنه كان في السابق توليد الطاقة يعتمد على المولدات التي تعمل بالمواد البترولية التي كان يصعب توفيرها ،، و الآن بعد التقدم العلمي الهائل الذي أدي الى ظهور أنماط و تقانات حديث في متناول الجميع (بالرغم من غلاء التكلفة الإبتدائية) تصلح لتوليد طاقة جديدة و متجددة و نظيفة و متوفرة و غير محدودة مثل الطاقة الشمسية و طاقة الرياح و البيوغاز و الطاقات الحيوية و طاقة المسقط المائية و تدوير النفايات و صار من الممكن الحصول عليها بسهولة و يسر .
اذا اخذنا موضوع الطاقة الشمسبة أن نصف استهلاك الكهرباء فى المبانى السكنية في بعض الدول المتقدمة صار يستمد من الطاقة الشمسية لخلايا مركبة فى سطوح المبانى السكنية… و حتى الدول المنتجة للبترول صارت تستفيد من الطاقة الشمسية وتوفر فى استهلاك الأنواع الأخرى من الطاقة. لذلك فان أهميتها فى التنمية بصورة عامة مهمة و خاصة في المناطق الريفية و البعيدة عن الشبكة القومية المتعثرة اصلا اخذين في الاعتبار انه عندنا في السودان ان متوسط سطوع الشمس ٨ ساعات و ليس ٥ ساعات كما في دول الشمال في اليوم هذا الامر الآن صار مجربا في مختلف ولايات السودان حيث هناك مزارع و ابار مياه و دور عبادة و مراكز صحية و مدارس و حتي بعض المنازل صارت في الآونة الاخيرة تشتغل على الواح الطاقة الشمسية منذ الساعة ٨ صباحا و حتى الرابعة مساء و حيث يرجع الفضل لشريحة المغتربين اذ ان لهم القدح المعلى في تزويد مناطقهم بتقنية توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية.
صحيح الناس بتسال عن سعر التكلفة الإبتدائي لإنشاء محطات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية initial cost . في هذا الصدد يمكن ان مقول دائما ان انشاء منظومات متكاملة لتوليد و تخزين الطاقة الشمسية تكلفتة الإبتدائية مرتفة لكن التكلفة التشغيلية منخفضة جدا تكاد تكون في حدود ادنى ما يكون اذا تمت مقارنتها بمنظومات الإنتاج التي تعتمد على الوقود اللترولي. و لكي تحصل استفادة قصوى من هذه التقنية يجب ان تكون الألواح من مصنعين ممتازين و معروفين في انتاج أنظمة الطاقة الشمسية ثانيا احيانا تظهر عيوب اثناء الإستخدام عليه يجب ان تكون شراء و تركيب انظمة الطاقة الشمسية مصحوبة بفترة ضمان ثالثا يجب ان تكون الانظمة و خاصة بطاريات الطاقة الشمسية معروفة و محدد فيها السعة وتاريخ التصنيع و الصلاحية هذه اهم ثلاث نقاط ثم من بعد ذلك ياتي السعر حسب الجودة و البلد المصنع و المواد المستخدمة في التصنيع و عيوب التصنيع.
نرجو ان يكون موضوع انتاج الطاقة الشمسية موضوع نقاش بصورة موسعة وياخذ حيز اكبر عند المستفيدين و الفنيين و المخططين و متخذي القرارات و بصورة اوسع حتى تعم الفائدة من تبادل الأفكار خصوصا ان مطلوبات المرحلة القادمة تحتاج الى ان تكون هناك افكار غير تقليدية ومبادرات مميزة تصلح لأن تكون قدوة في مجال الإنتاج بأتجاه استبدال انظمة الطاقة الحالية بانظمة الطاقة النظيفة و المتجددة و خاصة الطاقة الشمسية و من العروف ان السودان يشكو من نقص موارد الطاقة وآليات التوصيل من محولات و نواقل وغيرها.
نتمني من الاخوة في (منبر الصناعة) خاصة والمختصين والمسؤولين الإهتمام بهذا الموضوع الحيوي المهم .
و اعتقد انه عندنا كوادر تمتلك معلومات و تجارب جيدة في هذا المجال يمكن لهم الإتجاه والإهتمام بهذا المجال.
وبالله التوفيق ،،