كتاب واراء

من همس الواقع : د.غازي الهادي السيد يكتب: المغتربون الجنود المجهولون في معركة الكرامة

من همس الواقع : د.غازي الهادي السيد

عندما اجتاحت مليشيا آل دقلو الإجرامية الإرهابية بعض المدن والقرى، جعلوا أعزة أهلها أذلة،حيث أذاقوا المواطنين العزل، كل صنوف العذاب ،من ضرب، واذلالٍ ،ونهب، حيث لم يفرقوا بين صغيرٍ ولاشيخٍ كبير، ولا مريض ولا نصيح ، حتى الرضيع لم يسلم من تلك الإنتهاكات، التي لاترقى الا ان تكون جرائم حرب.

فقد استخدم هؤلاء الأوغاد كل أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة ضد المواطنين العزل مما اضطرهم للنزوح ،تاركين خلفهم كل مايملكون من أموال ومقتنيات تخصهم، لتعينهم في ظروف النزوح القاسية،بكل تفاصيلها من تعب ومرض ونقص في الدواء، ونقص في الغذاء، والأموال، فقدخرجوا ولايعرف أحد إلى أين يسير واين يستقر، فقد كانت رحلاتهم إلى المجهول، تصحب معها مع كل اسرة بل فرد قصة تدمي القلوب، وتقطع نياط القلب بمافيها من معاناة، لن تسعها المجلدان عندما تكتب او تحكي ولكن الكثيرين من رجالات أهل الخير قد خففوا عليهم  من معاناتهم .

أما المغتربين فقد كان لهم القدح المعلى للتخفيف الأكبر لهم ،فقد وقفوا بجانبهم ولم يكلوا ولم يملوا من دعمهم السخي، لأسرهم وذويهم ،من كرم وجود، ونخوة أهلنا السودانيين، في كل مكان، فهكذا هم أينما حلوا حل معهم التعاون والتأخي والتكاتف وكل الصفات الحسنة.

فقد كان المغتربون جنوداً في معركة الكرامة السودانية،  كانوا دعما معنويا وماديا بالمال والسلاح للمستنفرين ،دفاعاً عن الوطن الصغير والكبير، و لم يبخلوا على أسرهم وأهلهم، واقاربهم ومعارفهم بالتحويلات المالية، كجزء من الجهود الإنساني ،لتخفيف معاناتهم، وتلبية احتياجاتهم، وتحملو كل أعبائهم من سفر وايجارات وأعباء معيشية.

وعندما عاد المواطنين إلى مواطنهم لم يجدوا بمنازلهم أبسط مقومات وأساسيات الحياة ،من رعاية صحية، ومياه شرب، وغذاء ومأوى، وغياب شبه تام لمؤسسات الدولة، وانهيار البنية التحتية، لم يجدوا إلا هؤلاء الجنود الأوفياء المغتربين، الذين ظلوا سندا، وذخرا لأهلهم وأوطانهم، و لم يتأخروا عن تلبية نداء أهلهم  ووطنهم،بل كانوا في المقدمة،يمدون يد العون، منذ الساعات الأولى.

فلمثلهم ترفع القبعات، فهم لم ينسوا وطنهم لحظة واحدة، فقد زادتهم الغربة تماسكا وتجانسا،وارتباطاً بوطنهم، فهم يستحقون كل التقدير، فقد سجلوا أسماءهم بمداد من نور، في تاريخ السودان الناصع بالتضحيات، فكل التقدير والاحترام لهؤلاء الجنود المجهولين،الذين لم تنسيهم الغربة أصالة معدنهم وطيبة أهلهم، فقد أعادوا الفرحة بعد الحزن ،وغيروا التدمير إلى تعمير، وبهم عادت المدارس والمستشفيات وبقيةالمؤسسات الخدمية بفضلهم، فقد ظلوا كالشموع التي تحترق بصمت، لتضيءالطريق لغيرها.

كانوا لأسرهم وفي مقدمة النفرات الجماعية ،وبقية المساهمات المجتمعية الأخرى فقد كانوا جيشا لكل فقير ومحتاج فبكم يفخر السودان ولكم نقول قول الشاعر: 
ديل أهلي
محل قبلت القاهم
معاي معاي زي ضلي
اكان ما جيت من زي ديل
وا اسفاي وا ما ساتي وا ذلي
تصور كيف يكون الحال
لو ما كنت سوداني
واهل الحارة ما اهلي.

فلهم منا خالص التحايا فنرجو من الحكومة تقديرا لجهودهم  ووفاء لماقاموا به تسهيل الإجراءات الحكومية لهم،تقديرا لدورهم العظيم في معركة الكرامة واعادة تعمير وطنهم مشاركة مع أهلهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى