استطلاع صادم: الفساد تحوّل من استثناء إلى قاعدة في مؤسسات الدولة و الحرب غيّبت المحاسبة
استطلاع : مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفيه ودراسات الرأي العام

نتائج إستطلاع الرأي العام عن شبهات الفساد المالي والإدارى وآليات وطرق حماية المال العام :
شهد السودان منذ اندلاع الحرب أوضاعاً استثنائية أثّرت على أداء مؤسسات الدولة، لا سيما أجهزة الرقابة والمحاسبة، وقد تزايدت في الآونة الأخيرة أحاديث الرأي العام ووسائل الإعلام حول تفشي ممارسات يُشتبه في ارتباطها بالفساد في مجالات متعددة، مما أثار مخاوف بشأن تراجع الشفافية وتعطُّل آليات الضبط والمساءلة.
في هذا السياق، طرح مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفية ودراسات الرأي العام استطلاعً شاملاً بهدف رصد اتجاهات الرأي العام السوداني حول واقع وشبهات الفساد ، ومستوى الثقة في مؤسسات الرقابة، وتقييم مدى تأثير تلك الظواهر على حياة المواطنين والخدمات العامة، إضافة إلى استجلاء آراءهم بشأن سبل المكافحة الممكنة في الظروف الراهنة… شارك في الاستطلاع عدد 68.407 مشاركا من داخل وخارج السودان ومن مخلف المهن والتخصصات والاعمار كانت اجاباتهم كما يلى …
1/ اتجه وجدان المواطن السوداني للتعبير عن حالة من الاستياء من إفرازات الحرب على مختلف أوجه الحياة بالبلاد، حيث أكد 87.2% من المشاركين في الاستطلاع أن الشائعات حول الفساد قد تزايدت بشكل لافت بعد اندلاع الحرب، بينما قال 7.2% فقط إنها لم تزد، و5.6% لم يحددوا موقفهم.
2/ في رأي العديد ممن شملهم الاستطلاع، لم تعد الحرب مجرد مواجهة عسكرية، بل قد تصبح مسرّعًا مرعبًا للفساد، حيث رأى 64.1% من المستطلعين أن الحرب بمختلف تأثيراتها ساهمت بشكل كبير في ازدياد الفساد، و28.3% قالوا “إلى حد ما”، وتخالفهم الرأي نسبة 5.6% نفت التأثير، و2% ذكروا أنهم لا يعلمون. والواقع يقول إن البندقية لا تمارس القتل فحسب، بل يمكن أن تفتح الأبواب لجيوب لا تشبع!
3/ في شهادة قاسية، قال 49.2% إن الفساد في المؤسسات العامة “مرتفع جدًا”، و35% قالوا إنه “مرتفع”، وقاربتهم نسبة 11.2% وصفوه بـ”المتوسط”، بينما عارضتهم بقوة نسبة 4.6% قالت إنه “منخفض”، ولم يقل أحد إن الفساد غير موجود! … فالفساد إذن ليس استثناءً، بل القاعدة.
4/ من خلال الاستطلاع، لم يفرق المشاركون كثيرًا بين الفساد المالي أو الإداري بشكل منفصل، بل رأوا تحالفًا شرسًا مزدوجًا ينهش جسد المواطن السوداني؛ فقد أجاب 89.5% بأن مظاهر الفساد المنتشرة هي فساد مالي وإداري معًا، و6% قالوا إداري فقط، ونسبة 2% ترى أنه فساد مالي فقط، و2.5% ذكروا أنهم لا يدرون. لكأنما الإجابة تريد القول: باتّحاد المال والإدارة في جريمة واحدة ضد الوطن!
5/ بحثًا عن أسباب هذا التمدد والانتشار، فقد أكدت 94.9% من المستطلعين أن غياب الرقابة والمحاسبة هو السبب الرئيسي وراء تفشي الفساد؛ فالذئاب تجوّلت بحرية لأن المؤسسات الحارسة منهوبة أو مدمّرة بفعل العدوان عليها. ونسبة 2.6% نفت أن يكون غياب أجهزة المحاسبة هو السبب، فيما ذكرت نسبة 2.5% أنها لا تدري الإجابة.
6/ قياسًا للثقة بين الناس والأجهزة الرقابية، فقد وصف 38.7% ثقتهم بأنها “ضعيفة”، و19.6% قالوا إنها “منعدمة”، في مقابل 28.1% توسطوا في الإجابة حينما وصفوها بـ”متوسطة”، و13.6% من المشاركين أكدوا أن لديهم “ثقة كبيرة” في الأجهزة الرقابية.
7/ ورغم الحرب والجراح، أطلق الشعب صرخة مدوية: “نريد محاربة الفساد الآن!”، فقد أيد 93.8% تفعيل أجهزة مكافحة الفساد فورًا دون تأجيل، بينما فضل 5.6% تأجيلها، و0.6% فقط لا رأي لهم. فالشعب، في ألمه، لا يقبل أن تتحول الحرب إلى فرصة لنهب الموارد وزيادة حالات الفساد.
8/ عند سؤال المشاركين عن الجهة التي يعتقدون أنها الأكثر قدرة على مكافحة الفساد، مع إتاحة اختيار أكثر من جهة، أجابت نسبة 59.8% أن القضاء هو الأكثر قدرة، و58.3% رشحوا الحكومة المركزية، و46.2% قالوا المبادرات المجتمعية. في حين تبدى اليأس لدى نسبة 11.6% ذكرت بصراحة أن “لا أحد قادر حاليًا على محاربة الفساد في الوضع الراهن”.
9/ عند سؤال المشاركين عن الوسائل الأنجع لمكافحة الفساد، أجمع 85.9% على أن المحاسبة العلنية للمفسدين هي السلاح الأقوى، تليها الشفافية المالية، والتقارير الموجهة للرأي العام، وإشراك المجتمع المدني. ويبدو أن الرأي العام لا يريد عدالة تتم خلف الأبواب المغلقة، بل على مرأى من الوطن كله!
10/ من خلال الاستطلاع، بدا مهمًا الإشارة إلى ضعف الثقافة القانونية لدى عينة المشاركين، وهي مأساة حقيقية؛ فقد قال 60.9% إنهم فقط سمعوا بقانون مكافحة الثراء الحرام، و29.9% يعرفونه جيدًا، بينما 9.2% لا يعرفونه إطلاقًا. وبالتالي، يصبح من الأهمية بمكان طرح السؤال: كيف يُقاتل المواطن الفساد وهو لا يعرف أدوات المواجهة؟
11/ وتأكيدًا لغياب الكفاية في التشريعات والنصوص القانونية الحالية، رأى 37.2% من المشاركين أن البلاد تحتاج إلى تصميم وابتكار قوانين وتشريعات جديدة تمامًا، بينما أشارت نسبة 35.2% إلى إمكانية تحسين القوانين الحالية بالتعديلات المناسبة، في مقابل نسبة 18.1% فقط يرون أن القوانين كافية، وأن العلة ربما تكمن في الإرادة والعزم والتصميم.
12/ افترض المشاركون في الاستبيان، عند منحهم فرصة تعدد الخيارات، أن هناك العديد من العقبات تحول دون محاربة الفساد وتطبيق القانون بشكل قوي؛ حيث اعتبرت نسبة 68.8% أن التدخلات السياسية والقبلية والأمنية هي المعوق الأكبر، و64.3% أشاروا إلى غياب الإرادة السياسية، و60.3% إلى ضعف الأجهزة العدلية، فيما حمّل 34.7% الحرب المسؤولية، وقالوا إنها شبكة معقدة تخنق كل محاولة للتطهير.
13/ سعيًا لتكريس وزيادة فرص القضاء،على مظاهر الفساد ، أيدت نسبة 80.3% إنشاء مفوضية مستقلة لمكافحة الفساد، هيئة تُطهّر ولا تتبع، وتعاقب ولا تتواطأ. في حين رفضت قيامها 16.2%، وأشارت نسبة 3.5% إلى امتناعها عن إبداء رأيها.
14/ في عالم اليوم، يرى المشاركون في الاستطلاع أن المعركة ضد الفساد لن تنجح بدون شراكات رقابية تجمع بين الإعلام والمجتمع المدني؛ فقد قال 58.3% إن إشراك المجتمع المدني في الرقابة ضروري جدًا، و33.2% قالوا “نعم، ولكن بشروط”، و8% يرفضون مشاركة الإعلام والمجتمع المدني، والبقية بلا رأي. والحكمة تقول: “المال السايب يعلّم السرقة”.
15/ بحسب رأي 49.7%، فإن الحرب وظروف غياب أجهزة الرقابة والمحاسبة وفّرت غطاءً عميقًا للفساد، بينما قال 47.2% إنها لم تؤثر، ولم توفر أي غطاء، وإن الحرب تخفي كل شيء ما عدا جرائم الفساد، في حين تحفظت نسبة 3.1% عن الإجابة، وذكروا أنه لا رأي لهم.
16/ المخيف في نتائج الاستطلاع هو وجود قناعة عالية بتأثير الحرب في جعل الفساد مبررًا أو مقبولًا. وعند سؤال: “ما هو تأثير الحرب في جعل الفساد مبررًا أو مقبولًا لدى بعض الجهات أو الأفراد؟”، جاءت الإجابات كالتالي:
• 53.8% قالوا: كبير جدًا
• 25.6% قالوا: متوسط
• 8.5% قالوا: ضعيف
• 12.1% قالوا: لا يوجد تأثير
17/ يقينًا أن طاولة حكومة د. كامل إدريس هناك، لكن الرأي العام حدّد وجهته بوضوح؛ حيث قال 65.8% إن مكافحة الفساد يجب أن تكون “أولوية قصوى”، فلا نهضة بدون تطهير، ولا حكومة بدون مصداقية. بينما قالت نسبة 29.1%: “نعم، ولكن إلى جانب أولويات أخرى”، و3.1% يرونها غير أولوية، والبقية لا يعلمون.
18/ ختامًا، ورغم كل الألم، لا يزال الأمل يتنفس بين الركام؛ فقد عبّر 62.5% عن تفاؤلهم بحدوث تطور في مكافحة الفساد في الفترة القادمة، ونسبة 28.5% لا يشاركونهم الأمل، و9% مترددون. إنها شعلة ضوء في نفق طويل…ير الحرب في جعل الفساد مبررًا أو مقبولًا. وعند سؤال: “ما هو تأثير الحرب في جعل الفساد مبررًا أو مقبولًا لدى بعض الجهات أو الأفراد؟”، جاءت الإجابات كالتالي:
• 53.8% قالوا: كبير جدًا
• 25.6% قالوا: متوسط
• 8.5% قالوا: ضعيف
• 12.1% قالوا: لا يوجد تأثير
17/ يقينًا أن طاولة حكومة د. كامل إدريس هناك، لكن الرأي العام حدّد وجهته بوضوح؛ حيث قال 65.8% إن مكافحة الفساد يجب أن تكون “أولوية قصوى”، فلا نهضة بدون تطهير، ولا حكومة بدون مصداقية. بينما قالت نسبة 29.1%: “نعم، ولكن إلى جانب أولويات أخرى”، و3.1% يرونها غير أولوية، والبقية لا يعلمون.
18/ ختامًا، ورغم كل الألم، لا يزال الأمل يتنفس بين الركام؛ فقد عبّر 62.5% عن تفاؤلهم بحدوث تطور في مكافحة الفساد في الفترة القادمة، ونسبة 28.5% لا يشاركونهم الأمل، و9% مترددون. إنها شعلة ضوء في نفق طويل…
التاريخ 26/ يونيو 2025