تحقيقات وتقارير

وثائق تفضح تجاوزات خطيرة بكسلا.. بيع 180 قطعة لمقربين في حلفا الجديدة : ساحة احتفالات تتحول إلى عقارات في غفلة من القانون!

كشفت وثائق رسمية نشرتها “سودانايل” عن تجاوزات قانونية في تخصيص 26 قطعة أرض تجارية في ميدان عام بحلفا الجديدة، حيث قامت وزارة البنى التحتية ببيعها بشكل مباشر رغم أن الموقع مسجل كساحة احتفالات. وأوضحت مذكرة من وزارة العدل أن هذا الإجراء مخالف لقانون التخطيط العمراني ويفتقر للمسوغ القانوني، ما دفع الوزير لاحقًا لإلغاء القرار.

مع ذلك، تم استخراج العقود وبدأ تنفيذ التخصيص فعليًا. وتفيد مصادر أن العدد الحقيقي للأراضي الممنوحة بلغ 180 قطعة، معظمها لأبناء مسؤولين، مما يثير شبهة استغلال نفوذ، وسط مطالب مجتمعية بفتح تحقيق فوري ومحاسبة المسؤولين.

نقلا عن موقع «سودانايل»: كشفت وثائق رسمية صادرة عن وزارة العدل بولاية كسلا، تحصلت عليها (سودانايل)، عن تخصيص 26 قطعة أرض تجارية في ميدان مربع (5) بحلفا الجديدة، تم بيعها مباشرة من قبل مدير عام وزارة البنى التحتية، رغم أن الموقع مسجل رسميًا كساحة احتفالات عامة.

كشف المستفيدين يصادق عليه الوزير

وتعود القضية إلى طلب قُدم بتاريخ 1 مارس 2024 من المواطن دفع الله محمد علي عدلان وآخرين إلى مدير عام وزارة البنى التحتية، لتخطيط موقع تجاري بمربع (5) في حلفا الجديدة. وبناءً على ذلك، وجّه مدير عام البنى التحتية مدير المساحة بالمحلية، بتخصيص مواقع داخل القطعة رقم (50) بسوق حلفا، وأصدرت لجنة التخطيط العمراني بالولاية قرارًا بتاريخ 14 مارس 2024 بتخصيص مواقع تجارية في الجزء الشمالي، استنادًا إلى القرار رقم 130 لسنة 2024.

إلا أن الإدارة القانونية في الولاية، وفي مذكرة صادرة بتاريخ 22 أغسطس 2024 موجهة إلى مكتب الوالي، أشارت إلى أن الموقع محل الطلب (الميدان) مسجل كساحة احتفالات وليس كحجز حكومي، مما يتعارض مع موجهات قرار لجنة التخطيط، ويجعل عملية التخطيط غير قانونية وفقًا لقانون التخطيط العمراني لسنة 1994.

كما أوضحت المذكرة أن القرار الوزاري رقم 130 لسنة 2024، الصادر عن وزير البنى التحتية بشأن التصديق بالتخطيط، لا يستند إلى مسوغ قانوني كافٍ، إذ إن الوزير لا يملك صلاحية تغيير استخدام الميادين العامة والأسواق، إلا إذا اقتضت المصلحة العامة القصوى، وهو ما لم يتم إثباته في هذه الحالة. بالإضافة إلى ذلك، هناك قرار سابق صادر عن رئيس الجمهورية يمنع تخطيط الميادين والفسحات العامة في جميع ولايات السودان، ولا يزال هذا القرار ساري المفعول.

26 عقداً رغم بطلان القرار

وكشفت مذكرة صادرة عن المستشار العام بوزارة العدل بكسلا، عبد الإله زين العابدين البشير، أن الجهات المختصة شرعت في تنفيذ القرار رغم بطلانه، حيث تم استخراج 26 عقداً لتخصيص الأراضي المعنية، دون الالتزام بالإجراءات القانونية، ودون صدور قرار بيع مباشر أو تصديق قانوني من الوزير المختص.

وبحسب المستشار، فإن المنح تم عبر البيع المباشر، بناءً على كشف الأسماء الذي قُدم لوزير البنى التحتية، والذي قام بدوره بالتصديق عليه.

وأظهرت المستندات أن وزير البنى التحتية عاد وأصدر قرارًا بتاريخ 4 يوليو 2024 بإلغاء جميع التصديقات الوزارية السابقة، بما في ذلك القرار رقم 130، ما يعني أن العقود المستخرجة قائمة على قرار تم إلغاؤه رسميًا.

تجاوزات قانونية واضحة

وأكدت المذكرة أن ما جرى من تصديقات “لا يخرج عن كونه تجاوزًا لصلاحيات الوزير وتعديًا على أحكام قانونية صريحة”، وأضافت أنه، بعد تنفيذ القرار واستخراج 26 عقدًا، لم يعد هناك مجال للتدخل الإداري، بل أصبح الأمر من اختصاص المحاكم المختصة.

180 قطعة لأبناء مسؤولين

ووفقًا لمصادر موثوقة تحدثت إلى (سودانايل)، فإن عدد القطع التي جرى تخصيصها فعليًا يتجاوز ما ورد في الوثائق الرسمية، ويُقدّر بحوالي 180 قطعة أرض، تم منح معظمها إلى أبناء مسؤولين حكوميين، ونُفذت العمليات بمعزل عن الإجراءات القانونية.

ويثير هذا الكشف مخاوف من وجود شبهة استغلال نفوذ وتضارب مصالح، خاصة أن المخطط تم تمريره دون وجود قرار مركزي أو دراسة ميدانية توضح أولوية استخدام الأرض للصالح العام.

دعوات للتحقيق والمساءلة

وطالبت جهات مجتمعية رئيس الوزراء، كامل إدريس، بالتدخل العاجل وفتح تحقيق حول كيفية تمرير القرار وتنفيذه رغم بطلانه، مع مراجعة أسماء المستفيدين من القطع، وتحديد المسؤوليات الإدارية، ومساءلة الجهات التي تورطت في التصديق أو تغاضت عن المخالفات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى