Uncategorized
أخر الأخبار

*حكاية من حلتنا*

*يكتبها: آدم تبن*

 

*سلام للراجنها قدام*

 

ياناس الخير السلام عليكم عندنا زول محتاج للمساعدة عبارة كثيرا ما تتردد على الألسن حثا لأهل الخير والبر لتقديم العون والمساعدة لشخص محتاج لمال يعينه على نوائب الدهر وما أكثرها ، لذا كان القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة يحضان أهل ملة الإسلام على زكاة أموالهم عندما تبلغ نصابها وكذلك الإنفاق والصدقات زيادة لهم فى الخير والعطاء لتنمو أموالهم وتزداد بركة بدعوات المحتاجين مصداقا لقول رسولنا الكريم : (مانقص مال من نقصة) فمن نعم الله علينا أهل الإسلام أن الزكوات والصدقات لاينقطع خيرها حتى عندما يموت المسلم وهو فى ظل صدقته يوم القيامة وما أعظمه من ظل يستظل فيه صاحب الصدقة فى ذلك اليوم شديد الحر ، وفى بلادنا السودان لا يكاد حى أو قرية أو مدينة إلا وباب الصدقات فيها مفتوح على مصراعية لمن يريد الخير لنفسه وأهله ، فهنالك مئات من أهل الحاجة الملحة التى تقضى بالمال وجيوبهم خاوية لا يستطيعون قضاء حوائجهم فيلجأون الى أهل الخير يسألونهم العطاء لقضائها .

 

وخلال سنوات حرب الخامس عشر من أبريل التى دخلت عامها الثالث ، زادت أعداد الناس المحتاجة للمساعدة بعد توقف أغلب الأعمال وقتل أرباب الأسر ونهبت أموالهم وممتلكاتهم ونزوح الملايين من الأسر من مناطق سكنها ، وماكان من بعض الأسر إلا اللجو للأهل والمعارف والجيران من أهل الخير لمساعدتهم والوقوف معهم فى محنتهم التى ألمت بهم ، فعندها ظهرت معادن البعض وحبهم للخير حيث لم يتوانوا فى الوقفة بصدق وإنسانية مع من إحتاج إليهم ، وديل كما يقول أهلنا فى مثلهم المحلى *(الراجينها قدام)* بمعنى أنهم قدموا خيرهم فى الدنيا لكنهم ينتظرون الجزاء الأوفى فى الآخرة ، وكم من الأسر إستضافت أسر ليس بينها صلة قرابة ولا جيرة أمضت معهم شهور طويلة وعندما حانت لحظة عودتهم مناطقهم التى كتب الله لها أن تتحرر من المليشيا فقد كانت الدموع حاضرة وعنوانا مؤثرا لمشهد الوداع ومنها أن البعض لا يستطيع أن يشهد تلك اللحظات وليس له القدرة على تحمل لحظاتها فيمكث بعيدا حتى يتوارى المودعين بعيدا عن الأنظار فإن دمعة الفراق حارة .

 

وستظل ذكريات الحرب عالقة بالأذهان المفرح منها والمحزن فعندما تخرج من بيتك نازحا فإن لحظات الحزن ستخيم على جميع أفراد أسرتك وعندما تتخطى إرتكازات المليشيا يخالجك سرور وفرح كأنك لم تفرح من قبل ولا ستفرح من بعده لأن من يتواجودن بالإرتكازات يبحثون عن أى تهمة أو جريمة يلبسونها بك ، فمثلا يتهمونك بأنك إستخبارات للجيش أو فلول أو أبلده أو جروكى أو غيرها من التهم لاتستطيع نفيها عن نفسك مهما كانت براعتك فى المحاورة والحديث ، لأن المحاورة والحديث غير مرغوب فيهما من قبلهم ، وستكون فرحا ومسرورا عندما تزل بقرية أو مدينة داخل السودان وتجد الترحيب والإحتواء والإنس من أهلها ، فكم من القرى والمدن إستضافت نازحين غادروها وهم يحملون لأهلها الكثير من الإحترام والتقدير وجميل الثناء لما وجوده منهم من طيب المعشر وحسن المعاملة التى ستظل محفوظة فى الذاكرة ونقول *(سلام للراجينها قدام)*.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى