تحقيقات وتقارير

فساد الاراضي يهدد الاستقرار في حلفا الجديدة ومكتب المساحة مغلق بالأسرار

من ميادين الشعب إلى جيوب النافذين…حلفا الجديدة تواجه أخطر موجة بيع عشوائي

فوضى التصاديق تشتعل في حلفا الجديدة… والسماسرة يعبثون بمستقبل المدينة

تقرير : نادر عبدالله حلفاوي 

في مدينة حلفا الجديدة، التي لطالما عرفت بهدوئها النسبي، تتصاعد أزمة خطيرة تهدد النسيج الاجتماعي وتثير مخاوف واسعة بين المواطنين، بعد انتشار ظاهرة بيع الأراضي بشكل مريب عبر سماسرة ومسؤولين نافذين، في مشهد وصفه البعض بأنه “فوضى منظمة” قد تفضي إلى كارثة حقيقية إذا لم يتم التدخل العاجل.

غياب الرقابة… وغياب المدير

أحد أبرز مظاهر هذه الأزمة هو الغياب الغامض لمدير مكتب المساحة بحلفا الجديدة، حيث نشر أحد الناشطين فيديو من داخل المكتب يظهر أن مكتب المدير مغلق منذ أكثر من أسبوع دون أي توضيح رسمي. هذا الغياب أثار موجة من الاستياء بين المواطنين الذين اشتكوا من تعطيل مصالحهم، خاصة في ظل الحاجة الماسة لإنجاز المعاملات المتعلقة بالأراضي.

وقال أحد المتابعين إن غياب المدير بهذا الشكل يعكس طريقة إدارة مصلحة الأراضي في المدينة، والتي ظهرت عليها شبهات فساد في الفترة الماضية، وسط مطالبات متزايدة بتدخل رئيس مجلس الوزراء لكشف ما يجري خلف الكواليس.

 بيع الميادين والشوارع… غضب شعبي واسع

الأزمة بلغت ذروتها الأسبوع الماضي، حين أصدر وزير البنية التحتية والتنمية العمرانية المكلف بتسيير أعمال الوزارة قراراً بإيقاف التصاديق والكروكيات، بعد موجة غضب شعبي اجتاحت المدينة إثر الكشف عن بيع ميادين وشوارع وساحات عامة كانت مخصصة لخدمة المجتمع. القرار جاء متأخراً بحسب كثيرين، لكنه كشف حجم الفوضى التي وصلت إليها إدارة الأراضي في حلفا الجديدة .

مصدر مطلع كشف أن حكومة ولاية كسلا اعتمدت في الفترة الماضية على بيع هذه المساحات العامة بشكل مباشر، بهدف توفير موارد مالية لتسيير أعمال الولاية، بحجة أن البلاد تمر بظروف حرب. إلا أن هذا التبرير لم يقنع المواطنين، الذين اعتبروا أن ما يحدث هو استغلال للأزمة الوطنية لتحقيق مصالح ضيقة.

سماسرة الأراضي… نشاط محموم على الواتساب

اللافت في هذه الأزمة هو النشاط المحموم لسماسرة الأراضي، الذين باتوا يتداولون عروض البيع في مجموعات “الواتساب” والفيس بشكل علني، مستغلين حالة الفوضى الإدارية وغياب الرقابة. وقد تحولت هذه المجموعات إلى سوق سوداء للأراضي، حيث تعرض تصاديق قطع أراضٍ في مواقع استراتيجية بأسعار متفاوتة، دون أي سند قانوني واضح.

وتشير مصادر محلية إلى أن بعض هؤلاء السماسرة تربطهم علاقات مباشرة بمسؤولين في مكتب المساحة، ولوحظ أن بعض السماسرة في مكتب المساحة يتصرفون كما لو كانوا موظفين رسميين، مما يثير تساؤلات حول طبيعة دورهم وصلاحياتهم و يثير تساؤلات حول مدى تورط جهات رسمية في تسهيل عمليات البيع غير المشروعة.

تحركات شعبية…ومخاوف من انفلات أمني

في ظل هذا المشهد المقلق، بدأ عدد من أبناء حلفا الجديدة، المعروفين بغيرتهم على المدينة، في التحرك لوقف هذه الفوضى. وقد أطلقوا حملات توعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مطالبين الجهات العليا بالتدخل الفوري، ومحاسبة المتورطين، وإعادة النظر في سياسات التصرف في الأراضي العامة.

لكن هذه التحركات الشعبية، رغم أهميتها، لم تمنع تصاعد المخاوف من حدوث انفلات أمني، خاصة مع تزايد التوتر بين المواطنين الحادبين على مصلحة المدينة، والسماسرة الذين يواصلون نشاطهم دون رادع. ويخشى كثيرون أن تتحول هذه الأزمة إلى صراع اجتماعي، داخل الاحياء إذا لم يتم احتواؤها سريعاً.

فشل الوالي… ومطالبات بالتدخل المركزي

ورغم خطورة الوضع، لم ينجح والي كسلا في وقف هذه الفوضى، ما دفع المواطنين إلى توجيه نداءات مباشرة لرئيس مجلس الوزراء للتدخل وكشف ملابسات ما يجري في ملف الأراضي بحلفا الجديدة. ويؤكد مراقبون أن استمرار هذا الوضع دون محاسبة سيؤدي إلى فقدان الثقة في المؤسسات المحلية، ويزيد من حالة الاحتقان الشعبي.

هل تنقذ حلفا الجديدة نفسها؟

ما يحدث في حلفا الجديدة ليس مجرد تجاوزات إدارية، بل هو أزمة متكاملة تمس حقوق المواطنين، وتكشف عن خلل عميق في إدارة الموارد العامة. وبين غياب المسؤولين، وتواطؤ بعض الجهات، وتحركات شعبية غاضبة، تبقى المدينة على مفترق طرق: إما أن تستعيد عافيتها عبر تدخل حاسم، أو أن تنزلق نحو فوضى لا تحمد عقباها.

الكرة الآن في ملعب الحكومة المركزية، فهل تتحرك قبل فوات الأوان؟… وللحديث بقية 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى