تحقيقات وتقارير

حلفا في منعطف خطير … سماسرة الأراضي يعبثون بالكروكيات والتصاديق والوالي يتفرج

تقرير – نادر عبدالله حلفاوي … تشهد مدينة حلفا الجديدة هذه الأيام حالة من الغليان الشعبي، إثر تصاعد الفوضى والفساد في ملف الأراضي، وسط صمت مريب من حكومة ولاية كسلا بقيادة الوالي المكلف اللواء (م) الصادق الأزرق، الذي يواجه انتقادات واسعة من المواطنين بعد فشله في وقف ما وصفوه بـ”العبث المنظم” في التصاديق والكروكيات.

* سماسرة يتحكمون في المشهد

بحسب مصادر محلية، فإن سماسرة الأراضي باتوا يتحكمون بشكل شبه كامل في عمليات التصديق وتوزيع الكروكيات، مستفيدين من دعم غير معلن من بعض الجهات الرسمية، أبرزها مكتب المساحة بحلفا الجديدة ومكتب الوزير المعني بالبنية التحتية. هذه السيطرة غير القانونية فتحت الباب أمام تجاوزات خطيرة، شملت بيع ميادين عامة ومساحات مخصصة للخدمات، ما أثار موجة غضب واسعة في أوساط السكان.

ورغم صدور قرار واضح من الوزير المكلف بتسيير أعمال الوزارة يقضي بإيقاف التصاديق والكروكيات، إلا أن المواطنين يؤكدون أن القرار لم ينفذ فعلياً، بل تم تجاهله تماما من قبل السماسرة الذين واصلوا نشاطهم بوتيرة متسارعة، في تحد صارخ للسلطات.

* مقاومة شعبية عبر “الواتساب”

في ظل غياب دور الحكومة، تحرك شباب الأحياء في المدينة عبر مجموعات “الواتساب” لتنظيم أنفسهم والتصدي لمحاولات بيع الميادين العامة.

 وبدأت هذه المجموعات في رصد التحركات المشبوهة، وتوثيق التجاوزات، بل ووقف بعضهم فعلياً في وجه عمليات البيع، في مشهد يعكس حجم الإحباط الشعبي من أداء السلطات المحلية.

ويقول أحد الناشطين في هذه المجموعات: “لم نعد نثق في الحكومة، الوالي يتفرج، والوزير غائب، ونحن من يدافع عن أرضنا وميادين أطفالنا. لن نسمح بتحويل المدينة إلى سوق للمضاربات العقارية بحجة البلد في حالة حرب.

* مطالبات بإقالة الوالي والوزير

مع تصاعد الأزمة، ارتفعت سقوف المطالبات الشعبية، حيث لم تقتصر على إقالة الوزير المكلف ومحاسبته ، بل امتدت لتشمل المطالبة بإقالة حكومة الولاية بالكامل، وعلى رأسها الوالي المكلف اللواء الصادق الأزرق، الذي يتهمه المواطنون بالتقاعس عن أداء واجبه في حماية ممتلكات الدولة والمواطنين.

ويقول أحد سكان المدينة : “الوالي فقد السيطرة، والفساد أصبح علنيا. لا نريد وعودا، نريد إجراءات حاسمة، وإقالة كل من تورط أو تقاعس في ملف الاراضي.

* غموض في ملف الوزير

وفي تطور لافت، كشف مصدر مطلع أن وزير البنية التحتية المهندس عبدالقادر محمد، الذي غادر الوزارة بصورة مفاجئة الأسبوع الماضي، سواء بإجازة أو إقالة غير معلنة، سيعود إلى منصبه قريبا، لأسباب لا يعلمها سوى الوالي والوزير نفسه. هذه العودة أثارت تساؤلات عديدة، خاصة في ظل وجود إجراءات قانونية معلقة ضده من قبل عدد من المواطنين، تتعلق بتصرفه في ميادين ومساحات عامة دون وجه حق.

ويضيف المصدر: “هناك ملفات جاهزة ستفتح فور عودة الوزير، والمواطنون لن يصمتوا هذه المرة.”

* أزمة ثقة ومخاوف من التصعيد

الوضع الراهن في حلفا الجديدة يعكس أزمة ثقة عميقة بين المواطنين والسلطات المحلية، حيث يشعر السكان بأن الحكومة تخلت عن مسؤولياتها، وتركت المدينة فريسة للسماسرة والمضاربين. هذا الشعور دفع البعض إلى التحذير من احتمال تصعيد الاحتجاجات، وتحولها إلى مواجهات مفتوحة إذا لم يتم التدخل العاجل لوقف الفوضي واستعادة السيطرة على ملف الأراضي.

ويقول أحد القانونيين في المدينة: “ما يحدث الآن ليس مجرد تجاوزات إدارية، بل جريمة منظمة بحق الممتلكات العامة، ويجب أن تتحرك النيابة العامة فورا لفتح تحقيق شامل.”

* هل تتحرك الحكومة؟

ويترقب المواطنون ما إذا كانت الحكومة ستتخذ خطوات فعلية لمعالجة الأزمة، أم ستواصل سياسة الصمت والمراقبة عن بعد.

وفي ظل هذا المشهد المعقد، تبقى حلفا الجديدة في منعطف خطير، بين فوضى التصاديق، وفساد الكروكيات، وغضب المواطنين، فيما يظل الوالي يتفرج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى