تحقيقات وتقارير

الرسوم الحكومية تشل الحركة التجارية والزراعية وتخنق الاسواق في حلفا الجديدة

تقرير  – نادر حلفاوي 

تشهد مدينة حلفا الجديدة منذ أكثر من ثلاثة أشهر حالة من الشلل شبه التام في حركة البيع والشراء، نتيجة فرض رسوم حكومية على السلع الواردة والصادرة من المحلية، ما أدى إلى تراجع كبير في النشاط التجاري، وأثار موجة من القلق في أوساط التجار والمزارعين والمواطنين على حد سواء.

الرسوم التي فرضتها مؤسسات رسمية داخل المحلية، دون تنسيق واضح مع الجهات المعنية أو مراعاة للظروف الاقتصادية الصعبة، أثقلت كاهل التجار وأربكت الأسواق، حيث ارتفعت تكاليف النقل والتوزيع، ما انعكس سلباً على أسعار السلع الأساسية، وأدى إلى تراجع القوة الشرائية للمواطنين.

* الغرفة التجارية تصرخ… ولا مجيب

الغرفة التجارية بحلفا الجديدة لم تقف مكتوفة الأيدي، إذ بذلت جهوداً كبيرة للتواصل مع الجهات الرسمية لمناقشة تداعيات هذه الرسوم، إلا أن محاولاتها لم تجد آذاناً صاغية. ووفقاً لمصادر داخل الغرفة، فإن الاجتماعات والمخاطبات التي تمت لم تسفر عن أي نتائج ملموسة، ما زاد من حالة الإحباط في أوساط التجار.

* نزيف الشركات الزراعية… وموسم مهدد بالفشل

الأزمة لم تتوقف عند حدود الأسواق، بل امتدت لتضرب قلب النشاط الاقتصادي في حلفا الجديدة: الزراعة. فقد بدأت الشركات التي كانت تشتري المحاصيل الزراعية من المنطقة في مغادرتها، نتيجة ارتفاع تكاليف النقل والرسوم المفروضة، ما يهدد الموسم الزراعي الحالي بالفشل.

ويواجه مزارعو حلفا الجديدة مستقبلاً غامضاً، خاصة مع اقتراب موسم حصاد محاصيل استراتيجية مثل القطن، العدسية، الذرة، والفول السوداني. ويؤكد عدد من المزارعين أن غياب المشترين سيجبرهم على بيع محاصيلهم بأسعار زهيدة لا تغطي حتى تكلفة الإنتاج، في ظل ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية من أسمدة ومبيدات ووقود.

* غياب الرقابة الشعبية… وغياب الحلول

يرى مراقبون أن أحد الأسباب الرئيسية لتفاقم الأزمة هو غياب الدور الشعبي الرقابي، الذي كان يشكل في السابق صمام أمان يحد من تغول الجهاز التنفيذي على حقوق المواطنين. ومع تراجع هذا الدور، أصبحت القرارات تتخذ دون مشاورة أو دراسة كافية لتأثيراتها على الواقع الاقتصادي والاجتماعي.

* الأسواق مشلولة والمخازن ممتلئة

في جولة لـ”صوت البلد” داخل أسواق حلفا الجديدة، بدت الحركة التجارية ضعيفة، والمحاصيل الزراعية مكدسة في المخازن منذ الموسم الماضي، دون وجود مشترين أو منافذ تصريف. ويؤكد التجار أن الأسعار الحالية للمحاصيل لا تتناسب مع تكاليف الإنتاج، ما يهدد بخروج المزيد من المنتجين من السوق.

* دعوات عاجلة للتدخل

يطالب المواطنون والتجار والمزارعون على حد سواء بتدخل عاجل من السلطات الولائية والاتحادية لإلغاء أو تخفيف هذه الرسوم، ووضع سياسات تشجع على الاستثمار في القطاع الزراعي والتجاري، بدلاً من فرض مزيد من الأعباء التي تعمق الأزمة.

كما يدعو المزارعون إلى ضرورة إعادة النظر في هيكلة الرسوم والجبايات، وتفعيل دور الرقابة الشعبية، وتوفير الحوافز للشركات للعودة إلى المنطقة، بما يضمن استقرار السوق واستدامة النشاط الزراعي، الذي يعد شريان الحياة الرئيسي لحلفا الجديدة.

واستمرار الوضع على ما هو عليه ينذر بكارثة اقتصادية واجتماعية في حلفا الجديدة، ما لم تتحرك الجهات المعنية بشكل عاجل لمعالجة الأزمة. فالمزارع الذي ينتج ولا يجد من يشتري، والتاجر الذي يعاني من الركود، والمواطن الذي يئن تحت وطأة الغلاء، جميعهم يدفعون ثمن قرارات غير مدروسة، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى كل جهد لإعادة بناء اقتصادها المنهك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى