كتاب واراء

صَريرُ القلمِ .. د. معاوية عبيد يكتب : تكريم الامين العام لديوان الزكاة دلالات و معاني

صَريرُ القلمِ :د. معاوية عبيد 

إن تكريم الرموز يحمل دلالات ومعاني عميقة، فهو ليس مجرد احتفاء بشخص أو عمل، بل هو تجسيد لقيم ومبادئ سامية، وتأكيد على أهمية الإرث الثقافي والتاريخي ، إن تكريم أهل الزكاة من قبل شرائح المجتمع المختلفة إنما هو شكر لهم لكريم صنيعهم في وقت كان المجتمع السوداني في أشد حاجة إلي إحياء قيم التكافل و التراحم وسط المجتمع ، و هذا ما فعله أهل الزكاة ،كيف لا و أن هنالك عشر ولايات كانت تعمل في بداية الحرب من مجمل ثمانية عشر ولاية ، وعند احتلال ولايات الجزيرة وسنار صارت ثمانية ولايات و هنالك ولايات تعمل بنصف طاقتها و لكن رغمًا عن ذلك كانت الزكاة المؤسسة الوحيدة التي صمدت في زمن الحرب ، وتقاسموا ما بينهم بالسوية ايمانًا منهم بإحياء قيم التكافل و التراحم وتعظيم شعائره و ذلك تأسيًا بقوله صل الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رجلًا جاء إلى رسول الله صل الله عليه وآله وسلم، فقال: يا رسول الله، أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله عزَّ وجلَّ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تُطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا» أخرجه الطبراني. 

فهذه النصوص ظاهرة الدلالة على فضل الإنفاق في شتَّى وجوه الخير والبر، وقد جعله الله سبحانه وتعالى قربةً يتقرب بها العبد إلى ربه، والشواهد والأدلة في الحث على الإنفاق كثيرة؛ وهو ما يجلِّي لنا اهتمام الشرع الحنيف بالإنفاق والتصدق بالمال في جميع مصارف الخير ووجوه البرِّ؛ والتي يأتي في مقدمتها رعاية ومساعدة الفقراء والمحتاجين، وإعمار بيوت الرحمن، وخصوصًا المساجد الجامعة لأوجه الحياة من العبادة والعمارة والتعليم إلى نحو ذلك من وجوه الإسهام في الخدمة المجتمعية، كلٌّ بحسب حاله وقدرته في ذلك، وهذا واجب مجتمعي، فضلًا على كونه من القربات التي ينبغي على الجميع التكاتف والتآزر حوله وخاصة في وقت الأزمات.

وهذا التكاتف والتعاون والإيثار في وقت الأزمات هو من أخلاق الأنبياء والصالحين، والتي تميز بها الأشعريون ، وهم قبيلة الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري من أهل اليمن، ومدحهم النبي صل الله عليه وآله وسلم بقوله: «إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ» ، وهذا ما فعله أهل الزكاة في زمن الحرب اللعينة و حجزوا مقاعدهم عند مجلس رسول الله صل الله عليه وسلم خير البشر أجمعين ، فيكف لا يحجزون مقاعدهم عند بقية خلقه ، و ما كان تكريم المجتمع للأمين العام لديوان الزكاة و لمؤسسة الزكاة و أهل الزكاة إلا لوقفتهم المشرفة وصمودهم في زمن الحرب و تقديم يد العون والمساعدة لكل محتاج ، فجاء أول تكريم عالميًا من اتحاد الإعلاميين الأفارقة بجمهورية مصر العربية للأمين العام لديوان الزكاة و مدير عام الدعوة و الإعلام ، لأن مؤسسة الزكاة هي المؤسسة التي صمدت في زمن الحرب في تقديم المساعدات للمحتاجين حينما غابت مؤسسات و منظمات المجتمع المدني الداخلية و الخارجية ، و جاء التكريم من أبطال معسكر سركاب ومن أبطال المقاومة الشعبية واسناد القوات المسلحة بكل ولايات السودان و من القوات المسلحة بكل وحداتها وجاء التكريم الأكبر من قلعة الصمود ، فرسان المدرعات وذلك لأن مؤسسة الزكاة كانت المؤسسة الأولي في تسيير قوافل الغذاء والدواء و مداوات جرحي معركة الكرامة و تفقد أسر الشهداء و رعايتهم و تقديم مواتر المعاقين لمصابي معركة الكرامة ، وجاء التكريم من الهيئة الشبابية للحفظة و الدعاء لاسناد القوات المسلحة ، و من اتحاد المعاقين و اتحاد الشباب السوداني ، و الائمة و الدعاة لوقفة الزكاة معهم في وقت الشدة ، و من مراكز الايواء و من جامعة القرآن الكريم و تأصيل العلوم الإسلامية و من جامعة كسلا لوقفة ديوان الزكاة معهم في دعم مراكز الإيواء و تفويج العائدين إلي ديارهم و دعم طلبة و منسوبي تلك المؤسسات و تسيير القوافل الغذائية و الدواء و العلاج في تلك الظروف الاستثنائية في زمن فقد فيه الناس المأوي و المأكل و العلاج وجاء التكريم من مؤسسة المبارك لتحفيظ القرآن وعلومه و من اتحاد المرأة السودانية التي وقف معها الديوان في خيمة رفيدة التي قدمت من خلالها الدواء و الغذاء لجرحي معركة الكرامة في مستشفيات السلاح الطبي بالولايات ، و وجد الديوان التكريم من مجتمع و لاية كسلا وسنار و الجزيرة و الفاشر وشمال كردفان والخرطوم الذين وجدوا الدعم و السند من الديوان في وقت المحنة.

إن تكريم ديوان الزكاة في شخص الأمين العام لديوان الزكاة ساهم في تعزيز و تلاحم اللُحمة الوطنية بين المجتمع و ديوان الزكاة و القوات المسلحة وبناء جسور علاقات متينة و قوية وراسخة و ستظل تاريخًا يذكره الأجيال، و يعكس تقدير المجتمع للعطاء والإخلاص و يساهم في غرس قيم الانتماء والولاء للوطن، حيث يتعرف الأفراد على نماذج مضيئة من الأفراد و المؤسسات في تاريخهم ، مع التأكيد على أهمية استلهام الدروس من سيرهم ومسيرتهم الوطنية ، وهو وسيلة للتعرف على الإنجازات والنجاحات التي قدمها الديوان ، إن تكريم ديوان الزكاة في شخص الأمين العام لديوان الزكاة من المجتمع و مؤسساته المختلفة تحفيز لقيم الإبداع و التميز و تخليداً لذكري من قدموا اسهامات قيمة للمجتمع ، إن تكريم ديوان الزكاة في شخص الأمين العام يعتبر حافزًا قويًا للعاملين عليها لتحقيق المزيد من الإنجازات والتميز في مجالات عملهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى