وجدي صالح يحلل الراهن السياسي في حوار مع الجريدة
لن نتنازل عن ثورة ديسمبر وأهدافها والحركة الإسلامية لا مكان لها في سودان ما بعد الحرب
تجميد عضوية السودان في الايقاد سيحرم البرهان من التمثيل في أي منصة قارية
لم نجتمع مع (تقدم) ولكن حزب البعث رحب بدعوة حمدوك
مدخل :
حمله الثوار على أكتافهم، هتفت الحناجر بإسمه، صار أيقونة للثورة السودانية، عندما أُسندت إليه مهمة لجنة محاسبة وإزالة نظام الثلاثين من يونيو، وضع الناقمون كثير من العثرات في طريقة، هنالك من سعى لإلصاق التهم الجزاف في ذمته، كل محاولات اغتيال الشخصية التي برع فيها (بني كوز) تسكرت أنصالها بينما هو ظل شامخا كالطود لا تهزه الأعاصير ولاتسني من عزيمته أحاديث الإفك والضلال
الأستاذ وجدي صالح عضو قيادة حزب البعث العربي الإشتراكي (الأصل) كغيره من السودانيين لجأ إلى إحدى دول الجوار ممارسا ذات الدور الذي ظل يلعبة حتى قبل ساعات من اندلاع حرب المنتصف من أبريل، إلتقيناه فكانت الحصيلة التالية:
حاوره: عبدالرحمن حنين
*كيف تنظر للواقع السياسي بحكم متابعتك للأحداث المتسارعة؟
– كما ذكرت أنت في سؤالك الواقع أحداثه متسارعة وأقسى ما فيه هذه الحرب التي يعاني منها الشعب السوداني، لقد خلقت الحرب واقعا مأساويا ومربكا للغاية، يعاني منه الشعب السوداني الآن، لذلك فإن واقعنا السياسي بأحداثه المتسارعة يجعل إيقاف الحرب هو أولويتنا الآن ونعمل أن يكون جهدنا في هذا الاتجاه مع من يؤمنون بضرورة إيقاف الحرب من قوى الثورة والقوى المتطلعة للسلام والأمن والاستقرار في البلاد.
ذكرتم أن أولويتكم هي إيقاف الحرب، وأنكم ستعملون مع من يؤمنون بضرورة إيقاف الحرب، كيف؟
– أشكرك على هذا السؤال، وأعرف دافعه.. فعلا لقد مل الشعب السوداني من الاستماع لكلمة (سوف) وأنا أقدر ذلك لأننا جميعا ضحايا لهذه الحرب اللعينة ونتطلع لإيقافها ونحن مؤمنون بأن ذلك لن يحدث إلا بتكاتف كل الجهود للقوى المؤمنة بإيقاف الحرب وواهم من يظن أنه لوحده يستطيع إيقاف الحرب وأقصد بها القوى السياسية والمدنية، ولذلك نقول أن أولويتنا هي إيقاف الحرب وذلك من خلال جبهة شعبية واسعة موحدة تعمل وتضغط أطرافها لوقفها، جبهة تعبر عن إرادة الشعب السوداني وتطلب من المجتمعين الإقليمي والدولي إسنادها باعتبارها تعبر عن إرادة موحدة لوقف الحرب ونزيفها والدمار الذي لحق بالبلاد.
*الانتهاكات والجرائم المستمرة التي ترتكب في حق المواطن السوداني ما هو موقفكم منها؟
– إدانة الإنتهاكات والجرائم التي ترتكب في حق المدنيين هذه من المسلمات لدينا، أدناها وسنظل ندينها ولن نتوقف بالإدانة فقط بل نعمل على رصدها ولن يفلت أحد من العقاب، كل تلك الجرائم والانتهاكات تشكل خرقا للقانون الدولي الإنساني وتصنف من ضمن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
*البعض علق آماله بلقاء القائد العام للقوات المسلحة بقائد قوات الدعم السريع ولكن هذه الآمال أيضا تبخرت، كيف ترى ذلك؟
– أولا نحن مع أي خطوة تعجل بإيقاف الحرب، وبالتالي نحن نؤيد أي لقاء بين قادة طرفي الحرب حتى ولو فشلت اللقاءات المخطط لها فهي خطوة لا بد منها، ولكننا لا نتوهم كما يتوهم البعض بأن هذا اللقاء المرتقب لوحده سيوقف الحرب، هناك الكثير من العمل والجهود يجب أن تتواصل لإيقاف الحرب.
إن السبيل إلى ذلك هو وحدة قوى الثورة واصطفافها في جبهة شعبية واسعة أساسها تنظيماتنا الثورية والسياسية والفئوية والديمقراطية والاجتماعية التي تحكم الحصار على المتحاربين متشبعة بروح الثورة وتفرض عليهم إيقاف الحرب وإقامة سلطة مدنية انتقالية تفكك التمكين الذي تم من قبل النظام البائد والتمكين الذي تم بعد انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ و تؤسس لدولة المواطنة وتقود لتحول ديمقراطي وانتخابات حرة ونزيهة يختار فيها الشعب السوداني من يمثله.
*هل حديثك هذا يعني فشل الايقاد ومنبر جدة في إيجاد حل للازمة بوقف الحرب؟
– الايقاد ليست غريبة عن منبر جدة وهي جزء منه وكذلك الاتحاد الإفريقي لذلك من المبكر الحكم بالفشل على منبر جدة أو جهود الايقاد رغم عدم وفاء طرفي الحرب على مخرجات والتزامات منبر جدة وفشل جهود الايقاد حتى الآن في الجمع بين قائد القوات المسلحة وقائد الدعم السريع وحتى الآن يعتبر منبر جدة هو المنبر المتوافق عليه إقليميا ودوليا كمنبر معني بإيقاف الحرب في السودان.
*وماذا بعد مقاطعة القائد العام للقوات المسلحة للقمة الأخيرة للايقاد ثم إعلان تجميد عضوية السودان في الايقاد؟
– بالطبع مقاطعة القائد العام للجيش للقمة حالت دون لقائه بقائد الدعم السريع وبددت أمل الوصول لحل سريع أو تسهيل مهمة منبر جدة المعني بإيقاف الحرب ولكن قرار تجميد عضوية السودان في الايقاد سيحرم القائد العام من التمثيل في أي منظمة قارية فالاتحاد الإفريقي جمد عضوية السودان وفقا لميثاقه المناهض لأي انقلابات عسكرية منذ انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ والمنظمة الإقليمية الوحيدة التي كانت تعترف بسلطة الأمر الواقع هي الايقاد، فالبطبع هذا القرار سيؤثر سلبا عليه.
*حدثنا عن الدعوة التي تلقيتموها من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)؟
– كما تعلمون نحن في حزب البعث العربي الاشتراكي لسنا من القوى المنضوية تحت مظلة تقدم ولكننا ظللنا على الدوام نتحدث عن أن الطريق لوقف الحرب ووضع البلاد في مسارها الصحيح لا يكون إلا بأن نعمل جميعا من خلال جبهة شعبية واسعة لإيقاف الحرب والديمقراطية والتغيير، تلقينا دعوة من رئيس تقدم الدكتور عبد الله حمدوك للاجتماع والتفاكر حول إيقاف الحرب والقضايا الإنسانية وقد قبلنا هذه الدعوة ورحبنا بها في أقل من ٢٤ ساعة إيمانا منا بأن الحوار ما بين قوى الثورة والقوى المناهضة للحرب هو خطوة ضرورية لايقافها.
*وهل اجتمعت بكم تقدم؟
– لم نجتمع معها حتى الآن، نحن ننتظر منهم تحديد مقترحهم للزمان والمكان.
*بقول البعض أن هذه الحرب لن تتوقف إلا إذا تم إشراك المؤتمر الوطني المحلول في مرحلة ما بعد الحرب وأن يكون جزء من المرحلة الانتقالية القادمة، ما تقييمكم لمثل هذه الاأاويل أو الدعوات؟
– يريد من يروجون لمثل هذه الدعوات أن نتخلى عن ثورة ديسمبر وأهدافها والتضحيات التي قدمها الشعب السوداني !، لقد كان انقلاب ٢٥ أكتوبر هو محاولة لوأد ثورة ديسمبر المجيدة ولقطع الطريق أمامها وأيضا أشعلت هذه الحرب للقضاء على ثورة ديسمبر المجيدة وخلق واقع جديد.
لقد أصدر الشعب السوداني حكمه على هؤلاء بأن أسقطهم بثورة ديسمبر المجيدة بعد أن تسلطوا عليه لمدة ثلاثين عاما بانقلاب عسكري عقائدي حزبي ومكنوا لأنفسهم خلال تلك السنوات داخل كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها العسكرية والأمنية، لا يمكن للشعب السوداني أن يعيد قتلته للمشاركة في السلطة مرة أخرى بأي شكل من الأشكال، أن صانع الأزمات لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال طرفا في إيجاد الحلول لها، سيما أن عقيدتهم في الأصل لا تؤمن بالآخر ولم يحصد شعبنا من الفلول المتأسلمين و المتاجرين بالمقدسات الإسلامية إلا ما نعيشه الآن من حرب وآثارها الكارثية المدمرة.
إن من يقترب من هؤلاء فقد حكم على نفسه بالعزلة عن الشعب الذي طوى صفحتهم بثورة ديسمبر المجيدة.
*هل اقتربت الحرب من نهايتها؟
– نتمنى أن تتوقف الحرب اليوم قبل الغد فقد أفقدتنا الحرب الغالي من الأنفس البريئة والأموال ودمرت البلاد وبنيتها التحتية، لذا نسعى ونعمل من أجل إيقافها، والذي يعجل بإيقافها هو انتظام كل قوى الثورة والقوى المناهضة للحرب في جبهة شعبية واسعة متوافق على أهدافها ووسائل تحقيقها لمحاصرة طرفي الحرب والضغط عليهم لإيقافها ومطالبة المجتمعين الإقليمي والدولي بدعم خيار وإرادة الشعب السوداني في إيقاف الحرب.
*البعض يقول أن لديكم فوبيا من المجتمع الدولي ، بماذا ترد؟
طبعا هناك قوى تروج لذلك لتستفيد من نتائج مثل هذا الخطاب أو الادعاء، نحن مع السيادة الوطنية ولكن هذا لا يعني بالضرورة أننا ضد المجتمع الدولي إلا إذا كان المقصود هو السكوت وتمرير ما يتعارض مع مصالحنا الوطنية.
نحن لا نريد أن تعيش بلادنا في جزيرة معزولة نحن جزء من هذا الإقليم وجزء من هذا العالم ونعمل على تحقيق مصالحنا المشتركة وبالطبع التي لا تتعارض مع مصالحنا الوطنية، نحن نحتاج للدعم الإقليمي والدولي لإيقاف الحرب ولكن يظل الخيار الذي يجب أن يدعم إقليميا ودوليا هو خيار الشعب السوداني، نحتاج أيضا للمجتمعين الإقليمي والدولي بعد الحرب لإعادة بناء البلاد وإعمار ما دمرته الحرب.
*سؤال أخير.. هل أنتم على تواصل مع القوى السياسية ومكونات قوى الثورة والقوى المناهضة للحرب؟
– تواصلنا لم ينقطع يوما مع القوى السياسية وقوى الثورة والقوى المناهضة للحرب ولن ينقطع وسنظل في حوار دائم لأننا نعي تماما بأن وقف الحرب لا يتم الا باصطفافنا في جبهة شعبية واسعة ندعو لها وهذا يتطلب التواصل مع بقية القوى السياسية والمكونات.
أستاذي نحن لا نتوهم بأننا وحدنا نستطيع أن نوقف هذه الحرب ونضع البلاد في مسار الديمقراطية ونتمنى ألا يتوهم غيرنا بأنه لوحده يستطيع أن يحقق ذلك، لا خيار أمامنا سوى جبهة شعبية واسعة تضمنا جميعا متوافق على أهدافها ووسائلها.
نقلا عن صحيفة الجريدة