انطلاق حصاد التمور في الشمال بين البهجة والتحديات «1 – 2 »

تقرير : نادر عبدالله حلفاوي
بدأت في منتصف سبتمبر الجاري، المعروف محلياً بشهر “نسيئ” وفق التقويم القبطي الزراعي، فعاليات موسم حصاد التمور أو ما يعرف بـ”حشّ البلح” في ولايتي الشمالية ونهر النيل بالسودان. ويعد هذا الموسم من أبرز المناسبات الزراعية التي ترتبط بتغيرات الطقس الموسمية، حيث لا تزال الشهور القبطية تستخدم لتحديد مواقيت الزراعة والحصاد في شمال البلاد.
* السودان في المرتبة السابعة عالمياً في الانتاج
التمر يشكل جزءاً أساسياً من النظام الغذائي في السودان، خاصة في المناطق الشمالية، كما هو الحال في العديد من الدول العربية. وتعد زراعة النخيل من الأنشطة الاقتصادية الحيوية، إذ ينتج السودان سنوياً نحو 460 ألف طن من التمور، محتلاً بذلك المرتبة السابعة عالمياً حسب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو).
وتنتج مزارع النخيل في المنطقة الشمالية أكثر من 18 نوعاً من التمور، وتشتهر بلاد المحس، السكوت، دنقلا، دار الشايقية، دار المناصير، دار الربيع، ومناطق بوقا وبربر ببساتينها الواسعة الممتدة على ضفاف النيل.
* أنواع التمور وطرق الحصاد
وتزرع في المنطقة الشمالية أنواع مختلفة من التمور، أبرزها التمر الجاف الذي يترك لينضج ويجف قبل حصاده، مما يجعله أكثر ملاءمة للتخزين والتجارة.
أما التمر الرطب، فهو أقل شيوعاً في هذه المناطق، ويحصد وهو لين ثم يترك ليرطب في قفاف مكدسة. وتوجد أيضاً تمور شبه رطبة في مناطق الرباطاب والجعليين، تستخدم في صناعة العجوة مثل تمر المشرق وود لقاي وود خطيب. ويحدد لكل ساقية يوم خاص لبدء الحصاد، في تقليد زراعي ينظم العمل ويبرز هوية المزارع المسؤول عن الحصاد بطقوس خاصة.
وتشمل أنواع البلح (التمور) في السودان أصنافًا مختلفة مثل القنديلة، البركاوي، تمودا، القنديل، والكلم، بالإضافة إلى أصناف نادرة ومحلية تختلف خصائصها حسب المنطقة الجغرافية، وتتركز معظم النخيل في الولاية الشمالية.
* تحديات تواجه المزارعين
رغم البهجة التي تصاحب موسم الحصاد، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعاً في الإنتاجية نتيجة عوامل متعددة، أبرزها الحرائق المتكررة التي طالت بساتين النخيل، خاصة في مناطق السكوت والمحس إلى جانب الأمطار الغزيرة والسيول التي ضربت القرى والجزر في الولاية الشمالية. هذه الكوارث الطبيعية تسببت في خسائر مالية فادحة للمزارعين، الذين يعتمدون بشكل كبير على محصول البلح كمصدر دخل رئيسي.
وتعد الحرائق هاجساً يؤرق السلطات والمزارعين على حد سواء، لما لها من تأثير مباشر على الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي في المنطقة.
* موسم الحصاد… فرحة سنوية
رغم التحديات، يبقى موسم حصاد التمور مناسبة سنوية مبهجة لأهالي الولاية الشمالية، حيث يشارك الأطفال والكبار في الاحتفالات والأنشطة المرتبطة بجني الثمار، في مشهد يعكس ارتباط المجتمع الشمالي بالنخيل والتمر كرمز للهوية والثقافة والرزق. نواصل