أخبار

وفاة الدكتور محمد طاهر إيلا، آخر رئيس وزراء في عهد الإنقاذ

بورتسودان :  أرتي ميديا… أعلنت مصادر رسمية سودانية صباح اليوم وفاة الدكتور محمد طاهر إيلا، آخر من تولّى منصب رئيس الوزراء في حكومة الإنقاذ، وذلك في العاصمة المصرية القاهرة، بعد صراع طويل مع المرض.

ويُعد إيلا من أبرز الشخصيات السياسية التي برزت خلال فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير، حيث تقلّد عدة مناصب تنفيذية رفيعة، من بينها والي ولاية البحر الأحمر، ثم والي ولاية الجزيرة، قبل أن يُعيّن رئيسًا للوزراء في فبراير 2019، ليكون بذلك آخر من شغل هذا المنصب قبل سقوط النظام في أبريل من العام ذاته.

ولد الدكتور إيلا عام 1951 في مدينة جبيت بولاية البحر الأحمر، وينتمي إلى قبيلة الهدندوة، إحدى القبائل البارزة في شرق السودان. تلقى تعليمه الجامعي في الاقتصاد بجامعة الخرطوم، ثم واصل دراسته العليا في المملكة المتحدة، حيث حصل على درجة الماجستير من جامعة كارديف.

تميّز إيلا بأسلوب إداري صارم، وحقق خلال فترة ولايته للبحر الأحمر إنجازات تنموية لافتة، جعلته يحظى بشعبية واسعة في شرق البلاد. كما عُرف بقدرته على إدارة الملفات الاقتصادية والخدمية، مما أهّله لتولي ولاية الجزيرة، ثاني أكبر ولاية في السودان من حيث الأهمية الزراعية والاقتصادية.

وفي فبراير 2019، تم تعيينه رئيسًا للوزراء في محاولة من النظام آنذاك لامتصاص الغضب الشعبي المتصاعد، إلا أن تلك الخطوة لم تمنع سقوط الحكومة بعد شهرين فقط، إثر احتجاجات شعبية واسعة أدت إلى الإطاحة بالرئيس عمر البشير.

تأتي وفاة الدكتور إيلا في وقت يشهد فيه السودان أزمة سياسية وإنسانية غير مسبوقة، نتيجة الصراع المستمر بين الأطراف العسكرية والمدنية، والانهيار شبه الكامل في مؤسسات الدولة. وقد أعادت وفاته إلى الأذهان مرحلة مفصلية من تاريخ السودان الحديث، حيث كان إيلا أحد رموز تلك الحقبة التي انتهت بثورة شعبية تطالب بالحرية والديمقراطية.

وتتزامن هذه اللحظة مع دعوات متزايدة لإعادة بناء الدولة السودانية على أسس مدنية ومؤسساتية، بعيدًا عن المحاصصات والانقسامات التي عطلت مسار الانتقال الديمقراطي. وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن رحيل إيلا يمثل نهاية رمزية لحقبة سياسية امتدت لعقود، ويعيد تسليط الضوء على ضرورة تجاوز الماضي نحو مستقبل أكثر استقرارًا وعدالة.

ورغم أن إيلا ابتعد عن المشهد السياسي منذ سقوط النظام، إلا أن خبر وفاته أثار ردود فعل متباينة في الأوساط السودانية، بين من ينعى تجربته الإدارية، ومن يربط اسمه بمرحلة سياسية مثيرة للجدل. ولم تصدر حتى الآن بيانات رسمية من الحكومة السودانية أو القوى السياسية بشأن وفاته، وسط انشغال البلاد بالأوضاع الأمنية والإنسانية المتدهورة.

رحل الدكتور محمد طاهر إيلا بصمت، تاركًا خلفه إرثًا سياسياً متشابكاً، وسيرةً إداريةً أثارت الكثير من الجدل والتقييمات المتباينة. وبينما يطوي السودان صفحة من تاريخه، تبقى الأسئلة مفتوحة حول مستقبل البلاد، ومسارها نحو بناء دولة مدنية ديمقراطية تستوعب الجميع.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى