التنمية الغائبة في حلفا الجديدة.. مستشفى حلفا ينهار بصمت… والمواطنون يسدون فراغ الحكومة

حلفا الجديدة – أرتي ميديا … رغم ما تزخر به محلية حلفا الجديدة من إمكانيات بشرية وزراعية واقتصادية، ورغم مساهمتها الفاعلة في دعم موارد ولاية كسلا، إلا أن واقع التنمية فيها يكشف عن تجاهل واضح ومقلق من قبل الحكومات المتعاقبة على الولاية في السنوات الاخيرة ، خاصة في القطاعات الحيوية مثل التعليم، الصحة، والبنية التحتية.
وفي وقت تتزايد فيه المطالب الشعبية في حلفا الجديدة بضرورة تحقيق العدالة التنموية، وسط تساؤلات مشروعة يطرحها المواطنون: ما الذي قدمته حكومة كسلا لحلفا الجديدة؟
أين تذهب الأموال المحصلة من الأراضي والرسوم المفروضة على التجار والمحاصيل الزراعية؟
ولماذا تُترك مستشفى حلفا الجديدة، ثاني أكبر مستشفى في الولاية، دون دعم أو تطوير؟
* مستشفى حلفا الجديدة… بين الإهمال والمبادرات الشعبية
تعد مستشفى حلفا الجديدة من أقدم وأكبر المؤسسات الصحية في ولاية كسلا، حيث تأسست عام 1964، وتقدم خدماتها لمواطني محليتي حلفا الجديدة ونهر عطبرة.
ورغم هذا الدور الحيوي، فإن المستشفى لم تنل أي دعم حكومي يُذكر خلال السنوات الأخيرة، ما جعلها عرضة للانهيار لولا تدخل المبادرات الأهلية والشبابية التي تتكفل بأعمال التأهيل والصيانة من فترة لاخري.
ورغم أن وزير الصحة الاتحادي، الدكتور هيثم، نجح في توفير عدد من المعدات الطبية الحديثة ومصانع الأوكسجين لعدد من الولايات، من بينها ولاية كسلا، إلا أن القائمين على الشأن الصحي في الولاية تجاهلوا مستشفى حلفا بشكل لافت، ما أثار استياء واسعاً في أوساط المواطنين والكوادر الطبية.
* غياب الدعم الحكومي وحرمان من أبسط الخدمات
ولم تتلق مستشفى حلفا الجديدة أي دعم حكومي مباشر، سواء في شكل أدوية طوارئ أو مستلزمات التخدير، رغم أنها تخدم شريحة واسعة من سكان المنطقة.
كما لم تحصل على أي من عربات الإسعاف أو مصانع الأوكسجين التي وصلت إلى الولاية عبر المنظمات الدولية أو دعم الحكومة المركزية.
ويؤكد مواطنون أن حالات وفاة عديدة وقعت أثناء نقل المرضى إلى ولايات أخرى لإجراء فحوصات مثل الرنين المغناطيسي، والتي تفتقر إليها المستشفى، رغم أن توفيرها لا يُعد أمراً مستحيلًا، خاصة بالنظر إلى مساهمة حلفا الجديدة الكبيرة في دعم خزينة حكومة كسلا.
* وزير الصحة الاتحادي وعد لا يزال ينتظر
وفي زيارة رسمية أجراها وزير الصحة الاتحادي المكلف، الدكتور هيثم محمد إبراهيم، إلى مستشفى حلفا الجديدة في يوليو من العام الماضي، أقر بحوجة المستشفي للدعم والتاهيل في ظل التدهور المستمر في بنيته التحتية ونقص الاجهزة والمعدات الطبية الاساسية
وأعلن خلالها التزامه بسد النقص في الأجهزة والمعدات الطبية، وتعهد بتكملة النواقص، إلى جانب تطوير الكوادر الطبية عبر برامج تدريبية، وإنشاء محرقة للنفايات الطبية، ومحطة أوكسجين، ووحدات للعناية الوسيطة للكبار والأطفال، بالإضافة إلى دعم قسم العمليات.
ورغم مرور أكثر من عام على تلك الوعود، لم تنفذ أي من الالتزامات التي أعلنها الوزير، لتحسين واقع المستشفى الذي يعاني من تدهور مزمن في الخدمات.
* حرمان تنموي ممنهج
أن ما يحدث في حلفا الجديدة لا يمكن وصفه إلا بأنه حرمان تنموي ممنهج، حيث تُحرم المحلية من أبسط الخدمات، في الوقت الذي تستغل فيه مواردها دون أن يعود ذلك بالنفع على سكانها.
ولا يقتصر هذا التجاهل على القطاع الصحي، بل يمتد إلى التعليم، الطرق، والمياه، ما يجعل الحياة اليومية أكثر صعوبة.
ويطالب أبناء حلفا الجديدة بضرورة مراجعة سياسات حكومة كسلا تجاه المحلية، ووضع خطة تنموية عادلة تضمن توزيع الموارد والخدمات بشكل متوازن، بعيداً عن المركزية المفرطة التي تهمّش حلفا .
* مفارقات احد الوزراء
ومن المفارقات التي تداولها المواطنون قبل سنوات ، أن أحد وزراء الصحة السابقين في ولاية كسلا كان يفرض على إدارة مستشفى حلفا الجديدة دفع مبالغ مالية تُخصم من رسوم الدخول، « تذاكر دخول الزوار » لصالح خدمات مكتبه في الولاية شهرياً في سلوك اعتبر استغلالاً غير مبرر لموارد مؤسسة صحية تخدم آلاف المواطنين.
* نحو كشف الحقائق ومساءلة المسؤولين
هذا التقرير يمثل الحلقة الأولى من سلسلة تحقيقات صحفية نسلط من خلالها الضوء على واقع التنمية في محلية حلفا الجديدة، وتكشف حجم الإهمال الذي تعاني منها و لمساءلة الجهات المسؤولة عن هذا التراجع.
في الحلقات القادمة، سنواصل استعراض مظاهر التهميش في قطاعات التعليم، البنية التحتية، والخدمات العامة، وننقل صوت المواطنين الذين يطالبون بحقهم في تنمية عادلة تليق بمكانة حلفا الجديدة كمورد أساسي لولاية كسلا.




