تقرير : نادر حلفاوي
تشهد مدينة حلفا الجديدة بولاية كسلا أزمة متفاقمة في ملف الأراضي، حيث تتكشف يومياً تجاوزات في بيع الميادين والساحات العامة عبر تصاديق مباشرة من وزير التخطيط العمراني، المهندس عبدالقادر محمد زين، رغم صدور قرار ولائي يقضي بإيقاف إجراءات البيع واستخراج الكروكيات.
هذه الممارسات أصبحت مألوفة لدى المواطنين، الذين باتوا يرون في استمرارها تهديداً مباشراً للنسيج الاجتماعي، خاصة بعد تحويل ميادين كانت مخصصة لتنفس الشباب والأسر إلى مشاريع استثمارية خاصة.
هذه التجاوزات وصلت إلى مدينة كسلا على بعد أمتار من مكتب الوالي نفسه، بتخطيط شارع يفصل بين مربعي 10 و35 البيطري، ما يطرح تساؤلات حول مدى علمه بكل هذه التجاوزات في ملف الاراضي.
تجاوزات الوزير وصمت الوالي
أبرز ما يثير الاستغراب هو تمسك والي ولاية كسلا، اللواء م. الصادق الأزرق، بالوزير عبدالقادر والمعنيين ايضا بملف الاراضي في موقعهم، رغم تصاعد الاتهامات والبلاغات الموجهة ضدهم، ومنها بلاغات رسمية تقدمت بها المواطنة إيمان فخري وآخرون ضد الوزير بشأن بيع ميادين وشوارع عامة.
بيع مباشر أم فساد ممنهج؟
اللافت أن عمليات البيع تتم عبر ما يُعرف بـ”البيع المباشر”، بعيداً عن أي مزادات علنية كما حدثت في عدة ولايات ومن بينها ولاية الجزيرة الاسبوع الماضي، ما يفتح الباب واسعاً أمام شبهات الفساد والمحسوبية. المواطنون يتساءلون: إذا كانت حكومة كسلا عاجزة عن إيجاد موارد مالية بديلة، فلماذا لا تعتمد الشفافية في التصرف بالأراضي؟ بالبيع المباشر ولماذا يتم تمرير هذه الصفقات عبر سماسرة الاراضي.
أراضي السكة الحديد والتفاهمات الغامضة
من الملفات الحساسة أيضاً، التعديات التي طالت أراضي هيئة السكة الحديد في حلفا الجديدة. ورغم رفض الهيئة الاتحادية التصرف في ممتلكاتها، إلا أن الحكومة المحلية حاولت إدراج بعض هذه الأراضي ضمن مشاريع البيع، قبل أن تتراجع تحت الضغط الشعبي. لم تعلن حتى الآن تفاصيل التفاهمات التي تمت بين حكومة الولاية والهيئة، ما يزيد من غموض الملف.
غياب الكوادر المحلية وتهميش أبناء حلفا
تتزايد الشكاوى من اعتماد حكومة كسلا على كوادر إدارية من خارج حلفا الجديدة، خاصة في إدارة ملف الأراضي، ما يثير استياء الأهالي الذين يرون في ذلك تهميشاً متعمداً لأبناء المنطقة.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل فعلاً عدمت حواء حلفا الجديدة من الكفاءات القادرة على إدارة شؤونها؟ أم أن هناك توجهاً سياسياً لإقصاء الكوادر المحلية؟.
تحصيل مالي بلا خدمات
في ظل هذه التجاوزات، يطالب المواطنون بكشف حجم الأموال التي يتم تحصيلها من محلية حلفا الجديدة مقارنة بباقي محليات ولاية كسلا، خاصة أن الخدمات المقدمة لا تعكس حجم الإيرادات. في التعليم والصحة إلى البنية التحتية يعاني سكان حلفا من ضعف الخدمات، ما يعزز الشعور بالغبن والتهميش وحتي يوم امس عاشت مدينة حلفا لازمة حادة في توفير مياه الشرب بعد تعرض احد الخطوط الرئيسية المغذية للمدينة للكسر مما أدي الي انقطاع المياه عن الاحياء السكنية لاكثر من اسبوع.
استمرار التجاوزات وصمت الوالي
ملف أراضي حلفا الجديدة بات عنواناً صارخاً لأزمة الثقة بين المواطنين وحكومة ولاية كسلا. ومع استمرار التجاوزات وصمت الوالي، تتصاعد المطالب الشعبية بفتح تحقيق عاجل، وإعادة النظر في سياسات التصرف بالأراضي، بما يضمن العدالة والشفافية ويحفظ حقوق المجتمع المحلي.
