الاعلامية بقناة الجزيرة سارة رشيد : ما يحدث في السودان “إبادة” والعالم يتفرج!
الدوحة : نادر عبدالله حلفاوي
في حوار مؤلم ومشحون بالمشاعر، تحدثت الإعلامية القطرية البارزة سارة رشيد، مراسلة ومقدمة برنامج “مرآة الصحافة” على قناة الجزيرة، عن المأساة الإنسانية التي يشهدها السودان، وخصوصاً ما يحدث في مدينة الفاشر. سارة، التي تأثرت كثيراً بوالدها الناقد الدكتور حسن رشيد في اقتحام العمل الاعلامي، لم تتمالك دموعها وهي تصف ما يجري في السودان بأنه “أبشع من كل ما شهدته الحروب والنزاعات في العالم”، مؤكدة أن ما يحدث هو “إبادة جماعية” وسط صمت دولي مخزٍ.
و انتقدت رشيد تقاعس المؤسسات الدولية والمنظمات الإنسانية والإعلام العالمي عن تغطية الكارثة السودانية، مشيرة إلى أن ما يصل من صور ومعلومات لا يعكس حجم المأساة. كما دعت إلى عقد قمة عربية طارئة لمناقشة الوضع في السودان، وإعادة المهجرين والنازحين، وتهيئة الأجواء لانتخابات مؤقتة وخطة سلام شاملة.
رشيد سلطت الضوء أيضا على التحديات التي تواجه الصحفيين، وخاصة الصحفيات، في مناطق النزاع، مشيدة بشجاعة النساء اللواتي يخضن غمار التغطية الميدانية رغم المخاطر الاجتماعية والأمنية.
وقالت في حديثها مع « أرتي ميديا » بنبرة حزينة تختلط بالأسى ومرارة الغصة: “ما يحدث في السودان لم أشاهده في أي مكان في العالم، ولا أعتقد أن العالم سيشهد مثل ما حدث ويحدث للسودانيين.”
* كيف تصفين ما يحدث حاليًا في السودان من حيث الانتهاكات الإنسانية؟
صراحة، ما يحدث في السودان تجاوز كل الأعراف الدولية في الحروب والنزاعات. ما يحدث هو إبادة جماعية وتمييز كبير لا يمكن وصفه بالكلمات. أرى أن هناك تخاذلاً دولياً، سواء من المؤسسات أو المنظمات الدولية، وحتى من المنظمات الإنسانية، وكذلك من الجانب الإعلامي في تسليط الضوء على ما يجري. من المحزن جدًا أن أخبار السودان نادرة، وما يصلنا من صور ومعلومات قليل جدا.
وللأمانة، حتى لو أردت الحديث عما يحدث في الفاشر أو الخرطوم، أو عن أعداد الضحايا من نازحين أو مهجرين أو قتلى، فإننا لا نملك أرقاماً أو حقائق دقيقة. صحيح أن ما حدث في غزة مؤخراً والأزمات المتتالية بعدها استحوذت على الاهتمام، لكن السودان يعاني منذ سنوات طويلة.
هناك نقص في الموارد، واستغلال للمجاري المائية، وكلنا نعلم ما تطمح إليه بعض الدول من ثروات السودان من معادن وموارد طبيعية.
لذا، أطالب باهتمام أكبر من الجهات المعنية، سواء الإعلام أو الحكومات. يجب على الدول العربية اتخاذ موقف واضح، كما يحدث في القمم الطارئة التي تعقد من أجل غزة أو غيرها من الأزمات.
* ما هي مطالبك من الحكومات العربية تجاه الأزمة السودانية؟
أعتقد أن السودان يستحق الآن قمة عربية خاصة، تُحدد ما يحدث فيه، وتضع خطة لإعادة هيكلة الحكومة وتنظيم الانتخابات، وإعادة من هُجّروا ونُزحوا قسرا. كثيرون فقدوا بيوتهم وممتلكاتهم دون وجه حق، ولم يكونوا بحاجة للنزوح أو الهجرة، فقد كانوا مستقرين نسبياً.
لكن ما يحدث الآن في السودان تجاوز حدود الحرب، وأصبح نوعًا من الإبادة على يد مجرمين ومرتزقة. يجب أن يعود الوضع إلى ما كان عليه، أو على الأقل أن تجد الدول العربية حلًا مؤقتا عبر انتخابات انتقالية، يتم من خلالها وضع خطة للسلام، كما يحدث مع أوكرانيا وروسيا، أو كما حدث في غزة. هذا ما ننتظره.
* ما رأيك في تعامل المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية مع الأزمة السودانية؟
أرى أن هناك تغييباً عالمياً متعمدا لما يحدث في السودان. لا أعلم ما المصلحة من وراء ذلك، ولكن كما تُطرح خطط للسلام في كل مكان، لماذا يُستثنى السودان؟ لماذا يُجزّأ ويُترك يعاني أمام أعين الجميع؟
* هل فشل الإعلام السوداني في نقل ما يجري على الأرض للمجتمع الدولي؟
للأمانة، لا أستطيع أن أقول إنه فشل. فالوضع على الأرض يجعل من المستحيل نقل الحقيقة. لا يمكنني أن ألوم مراسلًا أو صحفيًا على عدم نقل ما يحدث، لأن الظروف لا تسمح بذلك. وأعلم أن الصحافة من أكثر المؤسسات التي تضررت من الحرب في السودان.
* ما الدور الذي يجب أن يلعبه الإعلاميون السودانيون؟.
على الإعلاميين السودانيين، خاصة من هم في الخارج، أن يستغلوا قدرتهم على الوصول إلى القنوات المؤثرة. يجب أن يكون لهم دور في تحريك المنظمات الإنسانية، والمطالبة بفتح أبواب الهجرة الشرعية، ووقف النزوح غير الطبيعي والهجرة القسرية بسبب نقص الموارد.
نعم، يجب أن يكون هناك ضغط إعلامي من الإعلاميين السودانيين في الخارج على المؤسسات الإعلامية الكبرى، لتبني ملف السودان كقضية رئيسية في نشراتها الإخبارية.
* ما أبرز التحديات التي تواجه الصحفيات في مناطق النزاع مقارنة بزملائهن من الرجال؟
لدينا صحفيات في السودان ينقلن الحقيقة من قلب الحدث بشجاعة. لا أرى فرقًا في القدرة بين المرأة والرجل، لكن هناك مضايقات اجتماعية، وعدم تقبل لوجود المرأة في مناطق النزاع. أحيانا يكون الرفض من المجتمع المحلي، وأحيانًا من عائلاتهن خوفا عليهن، خاصة إن كانت الصحفية أمًا. ومع ذلك، أؤكد أن المرأة قادرة على أداء واجبها على أكمل وجه.
* كيف ترين دور المرأة الصحفية في تغطية الحروب والنزاعات رغم التحديات؟
هناك نماذج مشرفة من المراسلات اللواتي بقين في قلب النار، في مناطق الأزمات، ينقلن الحقيقة بشجاعة. لدينا الزميلة اسماء النعيم سافرت إلى السودان لتغطي الأحداث من هناك، وهي على دراية تامة بما يحدث.
كما نرى في فلسطين، هناك مراسلات يتحلين بشجاعة كبيرة وقدرة على مواجهة التحديات والمخاطر خلال عملهن.
* ما هي أبرز التحديات التي تواجه الصحفية مقارنة بالصحفي في مناطق النزاع؟
جميع الصحفيين، رجالا ونساءً، يواجهون تحديات كبيرة في مناطق النزاع، كما في السودان وغزة. هذه المناطق ليست آمنة لأي صحفي، ولا أحب أن أميز بين الجنسين في هذا السياق، فالجميع معرض للخطر.
المرأة في مناطق النزاع والحروب تواجه تحديات كبيرة، تمامًا كما يواجهها الرجل، من استهداف واغتيالات، كما حدث مع شيرين أبو عاقلة، أو من خلال استهداف أسرهن.
ورغم ذلك، رأينا العديد من الصحفيات يتركن بصمتهن في تغطية الحروب، سواء في غزة أو السودان أو غيرها من الأزمات. استطعن نقل الحقيقة كما هي، رغم كل ما واجهنه من صعوبات.






