
.*حكاية من حلتنا*
*يكتبها: آدم تبن*
*عيون وألسنة السحارين الحارة*
فى مجتمعنا السودان حكايات تروى عن أخطر فئات المجتمع التى ضررها يقع على المتضررين ويعرفوا وسط الناس ب(السحارين) جمع سحار وهو ليس ذلك السحار الذى يسحر عينيك لترى الأشياء وفق مايريد لكن السحار الذى نعنيه هو من تصيب نظرات عينيه المسحور أو من يطلق كلمات فتكون وبالا عن الشخص المعنى بهذه الكلمات ، وهم أناس بيننا يرمقوننا بنظراتهم ويطلقون كلماتهم وكأنها قفشات لكنها ذات أثر كبير تبدأ أثارها سريعا ويكون ضررها مؤثرا ، فمنهم من تلحق به الأمراض لايتعافى من مرض إلا ويصاب بآخر ، ومنهم من لايستطيع ممارسة مهنته التى يعمل فيها ويشعر بعدم رغبته فى مواصلة العمل ، ويلحق التأثير بالمتزوجين وغيرهم ، فكل حى أو قرية أو مدينة تجد فيها من يخاف الناس من عيونه ويقولون لك أعمل حسابك دا (عينه حاره) ومرات تكون الساحر أمرأة لها نظرات ولسان ينطلق كالسهم ترمى به المسحور فتتغير أحواله وتبدأ حياته فى أخذ منحى آخر يذهب به أهله الى الأطباء والرقاة يبحثون له عن علاج لما أصابه من سحر لا يخرج من جسده بسهوله
فكل علاج يوصف يجربونة إن كانت الأدوية الطبية أو الرقية الشرعية ، ونعلم أن الساحر يقول كلمته أو ينظر نظرته ولايقول (ماشاء الله) ويمضى مخلفا معه الإبتلاء الذى لا يرفع ضرره إلا الله سبحانه وتعالى .
وهؤلاء السحرة لايتوانون فى إطلاق نظراتهم وكلماتهم المضرة في من يعرفونه أو لايعرفونه، فيقول محدثى أن ثلاثة من أصحاب العيون الساحرة والأسنة المضرة خرجوا معا يمتطون دوابهم (الحمير) وهى تقلهم الى وجهتهم المقصودة ذهابا وإيابا، وفى طريقهم طار طائر أمامهم وهذا الطائر يسمى ب(الحبارة) وهى طائر ضخم يبحث عنها الصيادون لإصطيادها ليظفروا بوجبة صيد شهية لاتعادلها أى من الوجبات ، وعندها نظر إليها الثلاثة وبصوت واحد صاحوا قائلين (حباره كبيرة كبره) فأرتدت الحبارة بقوتها ساقطة على الأرض ، وهنا ثلاثتهم أصيبوا بالوجوم ولم ينزل أى منهم ليقبضوها بيديه دون سلاح نارى أو تقليدى، وهنا أراد الله لها أن تستجمع قوتها وتطير مرة أخرى تاركة إياهم فى وجومهم الذى أصابهم، وعندها صاح أحدهم قائلا بالله دى (بندقية منو) يعنى من أصابها بهذه السرعة والسهولة فعاجله آخر بأنها (بندقيتنا الثلاث) ، يعنى هم مقتنعين بأن عيونهم وألسنتهم تصيب مثلها مثل السلاح النارى لكنهم لايتوانون فى إطلاق أعيرتهم النارية تجاه من يرونه يستحق ذلك ، وكثيرا من الناس يبول لك أن الطريق فيه واحد سحار ماتمشى بيهو ممكن يصيب بعينه أو لسانه أصابة لا تتعافى منها إلا بقدرة الله تعالى .
وحكاية من حلتنا تنقل مثل هذه الحكايات ليأخذ الناس حذرهم من السحرة أصحاب العيون والأسن الضارة لكننا نذكر أنفسنا بقول الله تعالى (قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون) فعلينا أن نعرف (أن ما أصابنا لم يكن ليخطأنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا) كما ورد فى الحديث النبوى الشريف فقط علينا أن نتحصن بالله من شر أمثال هؤلاء من الإنس والجن فكل له طريقته فى السحر نسأل أن يحفظنا (من شر حاسد إذا حسد)
وفى زماننا هذا كثر الحساد وأصبح البعض من الناس إذا أعجبه شيئا لأخيه يطلق عياره النارى دون أن يعرف أن هذا العيار يمكن أن يكون قاتلا حقيقيا لايسلم بعده المسحور من الإبتلاء الذى تجد أغلب المسحورين وأهلهم لايصبرون عليه ، فعيون وألسنة الحاسدين تبحث عن ضحيتها فإينما وجدتها رمتها بسلاحها الفتاك وذهبت الى حال سبيلها وكأن شيئا لم يكن ! لكن بالمقابل يعرف المسحور من رماه بتلك العين أو اللسان الساحر لكنه لايستطيع أن يواجهه خوفا من تبعات تلك المواجهة ، أعاذنا الله وإياكم من أعين وألسنة السحرة الحارة .



